فضيلة الشيخ: - حفظه الله تعالى -أشتغل في الأعمال الحرة، ووقعت في قفص الاتهام في قضية تزوير ظلماً ليس لي علاقة بها، وحكمت عليّ المحكمة بالسجن خمسة شهور تحت التعذيب وتشريد أسرتي وأطفالي، والآن بعد خروجي، وتمتع أصحاب التزوير بالأموال على حساب سجني واتهامي خرجت غاضباً عليهم أحاول الانتقام منهم، فعرضوا علي مبلغاً من المال مقابل سجني تلك الفترة وعلى أن أنسى ذلك الموضوع والواضح لدي أن هذا المال اكتسبوه من تلك الصفقة، فما حكم أخذي لهذا المال؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإن كنت سجنت ظلماً، وليس لك تسبب فيما وقع عليك إلا الظلم فقط، وقد تسبب المزورون في سجنك فلا مانع من أن تأخذ تعويضاً عن السجن والتهمة التي لحقتك؛ قال في المقنع:(وإن حبسه مدة فهل تلزمه أجرته على وجهين) ، قال في الإنصاف:(أحدهما يلزمه وهو الصحيح) ، وقال في تصحيح الفروع (وهو الصواب) ، والسبب في هذا الحكم أن من تسبب في سجنك ظلماً توصل إلى تفويت منفعة وإلحاق ضرر، وهي مما يجوز أخذ العوض عنه، فإن اتفقت معهم على عوض مقابل ما تسببوا فيه فلا حرج، وإلا أمكن تحديده بتقدر الأضرار التي ألحقت به بسبب السجن سواء كانت تلفاً لأموال أو أمراض، أو أضرار معنوية وغير ذلك.
أما إن لم يتسببوا هم في سجنك وإنما حصل سجنك ظلماً من الحاكم أو خطأ من القاضي فهو الذي يتحمل التعويض.
وعلى كل حال فإن اتفقت معهم على تعويض تستلمه منهم عن سجن تسببوا فيه، فلا حرج عليك، ولو كان المال داخلاً عليهم بطريق محرم.
وإن اتفقت معهم على أخذ مبلغ لسكوتك عن الإبلاغ عنهم فهذا لا يجوز لك. أسأل الله تعالى لك التوفيق ولكل مسلم، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.