[دعوت فلم يستجب لي!]
المجيب د. خالد بن محمد الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/ الدعاء/أسباب وأوقات إجابة الدعاء
التاريخ ١٣/٧/١٤٢٢
السؤال
رجل يدعو لأحد أقربائه، ويتوخى أسباب الإجابة، ثم بعد ذلك يسأل من دعا له عن أحواله حتى يرى هل استجيب دعوته أم لا؟ فإذا علم أنه لم يحصل للمدعو له أي شيء من دعائه له أخذ يستغرب كيف لا يستجاب لي، مع أني عملت بأسباب إجابة الدعاء؟ فما رأي فضيلتكم في ذلك، وكيف نرد عليه. جزاكم الله خيراً.
الجواب
هذا الداعي قد أساء الأدب مع ربه ـ جل وعلا ـ، ثلاث مرات:
الأولى: حين بحث في أحوال من دعا له، لينظر هل استجيبت دعوته له أم لا، فكأنه يمتحن ربه.
الثانية: حين ادعى لنفسه تكميل أسباب إجابة الدعاء، ونسي موانعها التي قد يكون تلبّس بواحد منها، وهذا من العجب، فهو بذلك قد أحسن الظن بنفسه، وأساء الظن بربه عكس ما يجب عليه.
الثالثة: حين استعجل الإجابة، وقد قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " لايزال يستجاب للعبد مالم يَدْعُ بإثم أو قطيعة رحم، مالم يستعجل " قيل: يارسول الله ما الاستعجال؟ قال: " يقول: قد دعوت، وقد دعوت فلم أر يستجب لي، فيستحسر عند ذلك ويَدَعُ الدعاء ". أخرجه بهذا اللفظ مسلم (٢٧٣٥) .
ثم إنّ مما ينبه عليه أن ثمرة الدعاء مضمونة ـ بإذن الله ـ فإذا أتى الداعي بشرائط الإجابة فإنه سيحصل على الخير، وسينال نصيباً وافراً من ثمرات الدعاء ولابد، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ماسأل، أو كفّ عنه من السوء مثله، مالم يدع بإثم أوقطيعة رحم " رواه أحمد (١٤٨٧٩) ، والترمذي (٣٣٨١) ، وحسّنه الألباني في صحيح الجامع (٥٦٧٨) .
وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: " ما من مسلم يدعو ليس بإثم ولاقطيعة رحم إلا أعطاه الله إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدّخرها له في الآخرة، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها، قال: إذن نكثر، قال: " الله أكثر ". أخرجه البخاري في الأدب المفرد (٧١٠) وقال الألباني: صحيح.
كما ننبهك أيضاً إلى أن لله ـ عزوجل ـ حكماً بالغة في تأخير الإجابة، وهو سبحانه لا يعجل عجلة المخلوق. فمن الحكم في تأخر الإجابة:
١ـ أن تأخر الإجابة من البلاء الذي يحتاج إلى صبر، فتأخر الإجابة من الابتلاء، كما أن سرعة الإجابة من الابتلاء قال تعالى: " ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون" (الأنبياء:٣٥) .
٢ـ أن الله ـ عز وجل ـ له الحكمة البالغة، فلا يعطي إلا لحكمة، ولا يمنع إلا لحكمة، وقد ترى في الشيء مصلحة ظاهرة، ولكن الحكمة لاتقتضيه، فقد تخفى الحكمة فيما يفعله الطبيب من أشياء تؤذي في الظاهر، ولكنه يقصد بها المصلحة الآجلة، فلعل هذا من ذاك.
٣ـ قد يكون في تحقق المطلوب زيادة في الشر، فربما تحقق للداعي مطلوبه، وأجيب له سؤله، فكان ذلك سبباً في زيادة إثم، أو تأخير عن مرتبة، أو كان ذلك حاملاً على الأشر والبطر، فكان التأخير أو المنع أصلح.