كنت متزوجاً بامرأة، وحصلت بيننا خلافات حادة على إثرها قررنا الانفصال والطلاق، خلال هذه الفترة وقبل الطلاق توعّدت والديها أنني إن وصل الأمر إلى الطلاق فسيكون طلاقاً بالثلاث، وقد قلت هذا من باب التخويف فقط، وبعد سنتين من الفراق، قررنا الرجوع، فهل يقع الطلاق، وهل علي كفارة؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله وحده، وبعد:
فمجرد تصريح الزوج للمرأة أو لوالديها بأنه إن طلق فسيطلق ثلاثاً لا عبرة به، بل العبرة بما تلفظ به الزوج عند الطلاق، هل طلق واحدة أو ثلاثاً، فإن طلق واحدة في طهر لم يجامع فيه فهو طلاق سنة واقع بلا خلاف بين العلماء، أما إن طلق ثلاثاً في مجلس واحد، فقد اختلف العلماء في ذلك، فذهب جماهير العلماء كالأئمة الأربعة وغيرهم - رحمهم الله تعالى- إلى وقوع الثلاث، وذهب بعض أهل العلم كابن عباس - رضي الله عنهما- وطاووس وعكرمة، وهو اختيار ابن تيمية وابن القيم، وشيخنا العلامة ابن عثيمين - رحمهم الله تعالى جمعياً- أنه يقع واحدة؛ لما رواه مسلم (١٤٧٢) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: كان الطلاق على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر - رضي الله عنه- وسنتين من خلافة عمر - رضي الله عنه- طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه-: (إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم، فأمضاه عليهم) ، وقد بسط العلامة ابن القيم - رحمه الله تعالى- في زاد المعاد (٥/٢٤١-٢٧١) الأدلة على أن الطلاق الثلاث يقع واحدة، وهي أدلة قوية، وعلى هذا القول فللزوج مراجعة مطلقته المذكورة، فإن كانت خرجت من عدتها فبعقد جديد. والله -تعالى- أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.