لقد ذكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن الربا أشد عند الله -عز وجل- من ست وثلاثين زنية، وفي حديث آخر أشد من زنية واحدة، وفي القرآن الكريم أن من أكل الربا ومات دون توبة فهو من الخالدين في جهنم، السؤال: لماذا جعل الله -عز وجل- جريمة الربا أعظم من جريمة الزنا؟ وجزاكم الله عنا وعن المسلمين كل خير.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
لم يرد في القرآن أن المرابي مخلد في النار، وإنما ورد أن المرابين "لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس"[البقرة:٢٧٥] وأن الذين يأكلون الربا معلنون للحرب على الله ورسوله - عليه الصلاة والسلام -:"فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله"[البقرة: ٢٧٩] ، وفي الصحيحين البخاري (٢٧٦٦) ومسلم (٨٩) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"اجتنبوا السبع الموبقات" وذكر منها "الربا" ولم يذكر الزنا، وروى أحمد (٢١٩٥٧) والطبراني (١١/٩٤) : إلا أنه قال:"ثلاث وثلاثون" بدل "ست وثلاثون" - أنه -صلى الله عليه وسلم- قال:"درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية"، قال الهيثمي: سنده صحيح (الزواجر عن اقتراف الكبائر، ص ٣٧٩) .
وأما وجه تغليظ العقوبة الأخروية على الربا أكثر من الزنا، فهو لحكمة يعلمها الله -تعالى-، وقد يكون ذلك لأن الشهوة في أصلها رغبة فطرية جبل عليها الإنسان، فإن وَضَعها في حلال أجر، وإن وضعها في حرام أثم، لكن أصل الشهوة أمر جبلي فطري، أما الربا فليس من الفطرة، بل هو مناف للفطرة؛ لأنه ظلم والإنسان مفطور على بغض الظلم، وهو استغلال للآخرين، والإنسان مفطور على حب مساعدة الآخرين وليس استغلالهم، فالربا مناقض للفطرة، ومناقض لسنن الكون والحياة، ومناقض لأسس العدل الذي قامت عليه السماوات والأرض، فلا غرابة أن تكون عقوبته أعظم وأشد عند الله -تعالى- من الزنا، والله أعلم.