للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كتاب (الحكم العطائية) !]

المجيب د. علي بن بخيت الزهراني

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التراجم والسير

التاريخ ٩/٩/١٤٢٤هـ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

كل عام وأنتم بخير، شيخنا الفاضل: ما رأيكم بـ (الحِكَم العطائية) ؟ وهل هو صحيح بأنه لو صحَّت الصلاة بغير القرآن لصحت بهذا الحكم؟.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتَّبع هداه وبعد:

فـ (الحِكَم العطائية) كتيب لتاج الدين أحمد بن محمد بن عطاء الله الإسكندري المتوفى في القاهرة سنة (٧٠٩) هـ، من كبار المتصوِّفة في عصره، وكان ممن قام على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وتسبب مع جماعة من الصوفية في حبسه ظلماً بمصر سنة (٧٠٧) هـ، حيث ادعى عليه أشياء لم يثبت منها شيء (البداية والنهاية ١٤/٤٧) .

وأما الكتاب فهو مؤلف في توحيد الصوفية، وبيان أحوالهم ومسالكهم ...

وقد احتفل به الصوفية بالشرح والتعقيب، وأشهر شروحه: شرح ابن عبَّاد النفزي الرندي، المسمى: غيث المواهب العلية في شرح الحكم العطائية.

والكتاب في الجملة يدور على عقائد المتصوفة الفاسدة، وفيه كلام يكاد يصرِّح فيه مؤلفة بما تظافر المتصوفة على تسميتها بالحقيقة، وهي عقيدة وحدة الوجود التي ترى أن كل موجود هو الله، ولا وجود لسواه على الحقيقة، وفيها من الكفر ما هو أكفر من عقائد اليهود والنصارى، كما صرح بذلك علماء أهل السنة والجماعة..

ومن ذلك قوله:" ما حجبك عن الله وجود موجود، ولكن حجبك عنه توهم موجود معه".

وقال شارحه ابن عباد:" تقدم أن لا موجود سوى الله تعالى على التحقيق، وأن وجود ما سواه إنما هو وهم مجرد".

وقوله:" سبحان من ستر سر الخصوصية بظهور البشرية..".

قال شارحه ابن عباد:" سر الخصوصية هو: حقيقة المعرفة التي اختص بها أهل ولاية الله -تعالى- بحيث لا يبقى معها وجود لغير ولا كون، فمن لطيف حكمة الله تعالى أن ستر ذلك بما أظهره من البشرية التي من لوازمها وجود الغير والكون، ولولا هذا الستر لكان سر الله مبتذلاً غير مضمون".

وفيه -عدا ماتقدم- عبارات هي محل نظر كقوله:" طلبك منه (أي من الله) اتهام له.."

يقوله شارحه:" فطلبه من الله تهمة له؛ إذ لو وثق في إيصال منافعه إليه من غير سؤال لما طلب منه شيئاً..".

فسؤال العبد الله ربه ودعاؤه له مذموم عند هؤلاء الصوفية؛ لأنه بزعمهم صادر عن عدم ثقة بالله، مع أن أنبياء الله ورسله -صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين- قد سألوا ربهم وطلبوا منه أموراً، والكتاب العزيز مليء بذلك..

وكذلك بعض العبارات التي حملها الشارح على ذم التمتع بالطيبات من الرزق الحلال، وترك الزواج والنسل، والتشنيع على من يأخذ بالأسباب، وغير ذلك مما لا شك أنه على خلاف سنة سيد الخلق -صلى الله عليه وسلم-.

ومع ذلك فالكتاب لا يخلو من حكم نافعة ووصايا جامعة، ولكن يفسد ذلك أمران:

الأول: اشتماله على عبارات باطلة، وكلمات موهمة..

الثاني: إفساد النافع منه من قبل من تولى شرحه من المتصوفة بإغراقه في لجج خرافات الصوفية، وأحوالهم غير الشرعية..

<<  <  ج: ص:  >  >>