[أريد أن أعفي لحيتي ... ولكن!]
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية
التاريخ ١٥/٠٥/١٤٢٦هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
أنا شاب محب للخير، ومحافظ على الصلوات، ولكني أحلق لحيتي، ويراودني شعور أن أترك لحيتي دون حلق، ولكن يأتيني شعور آخر بأن شكلي سيتغيَّر ويصبح غير مقبول عند الناس، وخاصة أصدقائي، فيا شيخ: كيف أجزم باتخاذ القرار السليم، وأترك لحيتي دون حلق؟ والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
الجواب
أخي الفاضل سلمه الله: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
فأشكر لك مراسلتك لنا على موقع (الإسلام اليوم) ، وحرصك على أمر دينك، وأرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة، ثم إني أبارك لك حبك للخير، ومحافظتك على الصلاة، وأسأل الله لي ولك الثبات على الحق، وأن يزيدنا إيمانًا وتقوى وفضلاً، وأنصحك أن تجزم بإطلاق لحيتك تعبداً لله واتباعاً لهدي نبيك محمد -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يطلق لحيته، حتى إنها كانت ترى من خلفه، لاسيما وقد أمرنا بذلك في قوله: "قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين" متفق على صحته، وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس"، فهذان الحديثان الصحيحان وما جاء في معناهما كلها تدل على وجوب إعفاء اللحية وإرخائها، وعدم التعرض لها بقص أو حلق، وعلى وجوب قص الشارب.
وما قلت من أن ذلك سيغير شكلك ولو يكن فتأكد أنه سيكون إلى الأحسن والأفضل، لاسيما وأن إطلاق اللحى أصبح منتشراً -بفضل الله- مع انتشار الصحوة واليقظة، فما الذي يمنعك أن تكون مع قافلة المتمسكين بهدي نبيهم-صلى الله عليه وسلم- فتحظى برضا الله وتوفيقه وإعانته.
ثم اعلم أن رضا أصحابك لا يهم، بل المهم رضا الله عنك، وقد جاء في سنن الترمذي (٢٤١٤) بسند صحيح، أن معاوية -رضي الله عنه- كتب إلى عائشة أم المؤمنين -رضي الله تعالى عنها- أن اكتبي إلي كتاباً توصيني فيه، ولا تكثري عليّ، فكتبت عائشة -رضي الله تعالى عنها- إلى معاوية: سلام عليك، أما بعد: فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من التمس رضى الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس والسلام عليك".
وتأكد أن رضا الناس غاية لا تدرك، اليوم يرضون، وغداً يسخطون أو العكس، لكن ربك إذا أرضيته طوع لك الناس، وتذكّر أنهم لن يسألوا عنك في قبرك وأمام ربك، وإنما أنت المسؤول، فأعد لذلك السؤال جواباً وللجواب صواباً، ثم لماذا لا تكون لك شخصيتك المستقلة التي لا تخضع فيها لغيرك من الناس، وإنما لرب الناس؟
واسمع ماذا يقول الإمام الأوزاعي رحمه الله: (عليك بآثار من سلف وإن رفضك الناس، وإياك وآراء الرجال وإن زخرفوه لك بالقول) . فتوكّل على الله واعزم في طاعة الله، والاقتداء بهدي نبيك محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإطلاق لحيتك، واعلم أنه أمر مفترض من الشارع الحكيم، والواجب على المسلم أن يمتثل أمر الله سبحانه، وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأن ينتهي عمّا نهى الله عنه، ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، وأن الخير كل الخير في الطاعة، وستجدها أحسن ما يكون من هذه الحياة. وفقنا الله جميعاً لكل خير وطاعة، وأعاننا على طاعته واتباع سنة نبيه-صلى الله عليه وسلم- والسلام عليكم.