توفي لي ولد، وكنت أحبه حباً جما، فتصبرت طمعاً في الأجر من الله، والله لا يخلف الميعاد، لكن بعد مرور ثلاثة أو أربعة أشهر على وفاته أخذت تنتابني موجات من الحزن العميق كلما ذكرته، وأمور لا أستطيع وصفها حتى إنني أتمنى الموت حتى أراه، وغالباً ما ألوم نفسي على ذلك، وأخاف أن يذهب أجر الصبر، ولا أعلم إن كان ذلك من الجزع أم هي مجرد عاطفة الأبوة؟ أتحرج كثيرا من الشكوى للمقربين؛ خوفاً من أن يدخل ذلك في الجزع والتذمر من قدر الله. أرجو منكم توجيهي لما يجب عمله.
وفقكم الله لكل خير.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فبداية أقول لك:"إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، فلتصبر ولتحتسب" جزء من حديث متفق عليه عند البخاري (٦٦٠٢) ، ومسلم (٩٢٣) من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما-.
وعن أنس - رضي الله عنه- قال: مر النبي -صلى الله عليه وسلم- بامرأة تبكي عند قبر فقال:"اتقي الله واصبري" فقالت: إليك عني، فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي - صلى الله عليه وسلم-، فأتت باب النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلم تجد عنده بوابين فقالت: لم أعرفك، فقال:"إنما الصبر عند الصدمة الأولى" متفق عليه عند البخاري (١٢٨٣) ، ومسلم (٩٢٦) .
فيا أخي الكريم: اصبر واحتسب ابنك عند الله، فإن الله يوفي الصابرين أجرهم بغير حساب، قال تعالى:"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ"[البقرة:١٥٥-١٥٧] .
واعلم - وفقني الله وإياك- أنك إذا احتسبت ابنك فسوف يجزيك الله الجزاء الأوفى، أتدري ما هو الجزاء الأوفى؟ إنها الجنة التي أعدها الله لعباده المتقين فيها ما لا عين رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:"يقول الله - تعالى - ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة" أخرجه البخاري (٦٤٢٤) .