للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل يستحق الأب الحضانة؟]

المجيب د. محمد بن عبد الله المحيميد

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ١٨/٠٣/١٤٢٧هـ

السؤال

امرأة مطلقة تنازعت مع طليقها على ابن لهما عمره خمس سنوات، وفي مجلس عُرف حكم للأب بحضانة الابن؛ لأنه لا يريد أن يدفع له نفقة، وعند أخذه صرخ الطفل فتركه أبوه وذهب ولم يطالب به بعد ذلك، ثم حدثت مشاكل بين والد الأم -الذي ينفق عليها هي وابنها- وبين والد الطفل (وكان أبو الطفل ظالماً لوالد الأم) ، فقرر والد الأم أن يعطي الطفل لأبيه لأنه لا يستحق أن يربيه له، وأم الطفل حزينة لذلك، فهل والد الأم ظلمها؟ علماً بأن الأم ليس لها دخل أو مال خاص، وهي مقيمة في بيت أبيها، وهل هذا ظلم للطفل؟ علماً بأن أباه شاب قادر على الكسب، ولا يصلي وأخلاقه ذميمة. أفيدونا جزاكم الله خيرًا.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله ومن والآه، وبعد:

فإن الحضانة إنما تراعى فيها مصلحة الطفل، لا رغبة الأبوين، فمن ترجح أن مصلحة الطفل عنده أكثر من الآخر فهو أحق بحضانته، سواء كان أباً أو أماً.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: (ومما ينبغي أن يعلم أن الشارع ليس له نص عام في تقديم أحد الأبوين مطلقا ولا تخيير أحد الأبوين مطلقا. والعلماء متفقون على أنّه لا يتعيّن أحدهما مطلقا؛ بل مع العدوان والتّفريط لا يقدم من يكون كذلك على البر العادل المحسن القائم بالواجب) . مجموع الفتاوى (٩/٨٦) .

أما ما يتعلق بنفقة الصغير الذي لا مال له فإنها تجب شرعاً على الأب إن كان موسرا، وتُلزمه المحكمة بدفعها، فإن كان الأب معسرا وقادرا على الكسب أجبر على التكسب من أجل الإنفاق على ابنه، فإن أبى فإنه يعاقب ولو بالسجن.

وعلى هذا فإن كان ما ذكره السائل صحيحاً من أن والد الطفل لا يصلي وأخلاقه ذميمة.. فإنه لا يستحق حضانة هذا الطفل؛ حفاظاً على مستقبله، كذلك إن كان ما ذكره السائل صحيحاً من أن والد الطفل شاب وقادر على الكسب.. فإنه يجبر على التكسب للنفقة على ابنه، ولو اقتضى الأمر سجنه فإنه يسجن، ومثل هذا لا يتم إلا عن طريق المحكمة، فعلى الأم التقدم إليها.

أما فيما يتعلق بتخلي والد أم الطفل عنه ودفعه لوالده، وهل يأثم بذلك؟

فالجواب أن والد الأم لا تجب عليه نفقة ابنها شرعاً، لكن ينبغي أن لا يحول بين ابنته وبين حضانة طفلها، لاسيما إذا تكفّل بنفقة الطفل غيره ممن تجب عليه نفقته من والد أو وارث أو غيرهما.

ولعلي أُذكِّر والد هذه الأم بما روي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر، ومررنا بشجرة فيها فرخا حمرة (طائر صغير) فأخذناهما، قال: فجاءت الحمرة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي تصيح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "من فجع هذه بفرخيها؟ ". قال: فقلنا: نحن. قال: "فردوهما". أخرجه الحاكم (٧٦٧٣) ، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

كما أخرجه أبوداود (٢٦٥٨) بلفظ قريب من هذا، وصححه الألباني -رحمهم الله تعالى-.

<<  <  ج: ص:  >  >>