سمعت أن عذاب القبر لا يلزم الإيمان به، وذلك لأن الأحاديث الواردة فيه ليست متواترة، وليس فيه نص قرآني، ما مدى صحة ذلك؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن الإنسان يمر في رحلته من يوم خروجه من بطن أمه إلى مستقره النهائي بثلاث مراحل: الحياة الدنيا، والحياة البرزخية، والحياة الآخرة.
والحياة البرزخية هي التي تلحق الإنسان بعد وفاته إلى حين مبعثه ليوم الحساب، ولا إشكال في الحياة الأولى؛ لأنه لا ينكرها إلا معتوه، ولا في الحياة الآخرة، إذ لا ينكرها إلا جاحد بالله، وبقي الإيمان بالحياة البرزخية المتوسطة بين الحياتين، وأهل السنة قاطبة على أن حياة البرزخ ثابتة بنصوص الكتاب والسنة في الجملة، وإن لم يرد نص صريح في الكتاب بتسمية هذه الحياة وبيان عذابها ونعيمها، ولم ينكر عذاب القبر إلا الملاحدة، والزنادقة، والخوارج، وبعض المعتزلة، ومن تمذهب بمذهب الفلاسفة، وخالفهم جميع أهل السنة في ذلك، ذكر ذلك غير واحد من الأئمة منهم القرطبي وابن حجر رحمهم الله.
ولم ينقل عن سلف الأمة التشكيك في عذاب القبر، بل المنقول عنهم الحث على الإعداد لتلك الحياة وكيف ينجو الإنسان في قبره من العذاب.
وأكثر العلماء يستدلون بآية سورة غافر في عذاب آل فرعون، وهي قوله - تعالى -: "النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب"[غافر:٤٦] على إثبات عذاب القبر.
أما الأحاديث فهي كثيرة جداً تبلغ مبلغ التواتر المعنوي في إثبات الحياة البرزخية، وأن الإنسان إما منعم في قبره وإما معذب.