[أحكام المختلعة الحامل]
المجيب نزار بن صالح الشعيبي
القاضي بمحكمة الشقيق
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/الخلع واللعان
التاريخ ٢٧/٣/١٤٢٥هـ
السؤال
ما هي أحكام العدة في الخلع خصوصاً إذا كانت المرأة حاملاً؟.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
الخلع هو: (الفرقة بعوض يأخذه الزوج) (روضة الطالبين للنووي (ج٥/٦٨٠) ، وقال ابن حزم: (هو الافتداء إذا كرهت المرأة زوجها فخافت ألا توفيه حقه، أو خافت أن يبغضها فلا يوفيها حقها) المحلى لابن حزم (١٠/٥١٢) ، وقال ابن قدامة في الشرح الكبير: (وجملة ذلك أن المرأة إذا كرهت زوجها لخلقه أو خُلقه، أو دينه، أو كبره، أو ضعفه، أو نحو ذلك، وخشيت أن لا تؤدي حق الله -تعالى- في طاعته جاز لها أن تخالعه على عوض تفتدي به نفسها منه؛ لقول الله -تعالى-: "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ" [البقرة: من الآية٢٢٩] .
أبرز أحكام المعتدة في الخلع:
أولاً: الخلع فراق بين الزوجين فرقة بائنة على الصحيح من كلام أهل العلم (راجع خلاف العلماء في هذه المسألة مطولاً في الشرح الكبير (ج٢٢، ص٣٩) ، والمحلى (١٠/٢) ، وبناء على هذه القاعدة فإنه يترتب عليها الأحكام الآتية:
أ- سقوط النفقة والسكنى الواجبة على الزوج؛ لأنها صارت كالمرأة الأجنبية إلا أن تكون حاملاً فتستمر النفقة لها لأجل الحمل.
ب- وجوب الحجاب عليها منه.
ج- انقطاع التوارث بينهما فيما لو مات أو ماتت أثناء العدة.
د- أنها لا ترجع إليه باختياره كما هو الحال في الطلاق الرجعي، بل لا بد من عقد جديد بمهر جديد بعد رضاها وموافقتها على ذلك.
مسألة: وهل هذا الفراق طلاق تحسب به طلقة أم فسخ لا تحسب به طلقة؟
الواقع أن أهل العلم اختلفت وجهات نظرهم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن الخلع طلاق تحسب به تطليقة بكل حال على خلاف بينهم هل هو رجعي أم بائن، والصحيح أنه بائن كما ذكرنا.
قال ابن حزم في المحلى (ج٩/٥١٦) ، طبعة دار الفكر: (وبهذا يقول الحسن وسعيد بن المسيب وعطاء وشريح والشعبي وقبيصة بن ذؤيب ومجاهد وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وإبراهيم النخعي والزهري، ومكحول والأوزاعي، وأبو حنفية ومالك والشافعي، وهذا القول هو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد (الإنصاف ج٢٢/ص٣١) .
القول الثاني: هو فسخ لا ينقص به عدد الطلاق إذا تحقق فيه شرطان:
أ- ألا ينوي به الطلاق بل ينوي به مجرد الفسخ، فإن نوى الطلاق فهو طلاق بائن.
ب- ألا يوقعه بصريح لفظ الطلاق فإن أوقعه بصريح الطلاق كان طلاقاً، وهذا القول هو رواية عن الإمام أحمد - رحمه الله تعالى-، وذكر صاحب الإنصاف (٢٢/ص٣١) بأن هذه الرواية هي الرواية الصحيحة من المذهب وعليها جماهير أصحاب الإمام.
القول الثالث: أن الخلع فسخ لا تحسب به تطليقة سواء نوى بذلك طلاقاً أم لا، وسواء صدر منه بلفظ الطلاق أو بلفظ غيره، وهذا القول هو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، راجع الإنصاف (٢٢/ص٣١) ، واختارها شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - فقال في مجموع الفتاوى (ج٣٢/ص٣٠٩) ما نصه، وهو القول الذي ذكرناه من أن الخلع فسخ تبين به المرأة بأي لفظ كان، وهو الصحيح الذي عليه النصوص والأصول.