للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الدعوة في المنتديات]

المجيب د. ناصر بن محمد الماجد

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/ الدعوة الإسلامية/فقه الدعوة

التاريخ ٢٦/١١/١٤٢٢

السؤال

قمت بزيارة موقع أجنبي وذلك للدعوة وبيان حقيقة الإسلام، ففوجئت بمفاهيم خاطئة عن الإسلام قمت بتصحيحها وبيان حقيقة الإسلام والرد على مزاعمهم، وعندما لا يستطيعون الاستمرار في النقاش يبدؤون في سب الله والإسلام والرسول - صلى الله عليه وسلم - قاتلهم الله - فأرد عليهم ولكن دون استخدام أسلوب السباب. فهل يجوز لي الاستمرار في دعوتهم أم أتجنب ذلك حتى لا يتمادوا في سب الإسلام؟ علماً أن هذا الموقع يوجد فيه منتدى للنصارى وآخر لليهود، وعندما شعروا بوجود مسلم يحاول الدعوة للإسلام فتحوا منتدى خاصاً بالمسلمين، فاحترمت رغبتهم والتزمت بالمنتدى الإسلامي، ولكنهم يتكالبون عليّ ويبدؤون في السباب.

الجواب

جواباً على سؤالك أقول: إن غيرتك على دينك وحرصك على دعوة الناس إليه أمر طيب وشعور بالمسؤولية، أسأل الله - تعالى - أن يجزل لك المثوبة ويضاعف لك الأجر.

ولا يخفى - أخي الكريم - أن من أول ما يُطلب من الداعية أن يكون عالماً بما يدعو إليه، فقيهاً بما يأمر به، ويتأكد هذا الشرط في مثل هذه المنتديات التي ذكرتها؛ لأن الداعية يواجه أعداداً كثيرة من بيئات مختلفة، وثقافات متباينة وأهواء شتى، فإذا لم يكن الداعية متسلحاً بالعلم مستبطناً الفهم الصحيح لحقائق الدين ومقاصد الشريعة، أوشك أن يكون ضره أقرب من نفعه، ولا سيما أن غالب من ذكرت قد تغشتهم شبه كثيرة عن هذا الدين ربما لبّسوا بها على غير الراسخين في العلم.

وأما ما أشرت إليه في سؤالك من سبهم وشتمهم لهذا الدين، فإن الله - تعالى - قد نهى نبيّه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين عن الجلوس إلى الذين يخوضون في آيات الله وأمر بالإعراض عنهم حتى ينتهوا عن ذلك، يقول - تعالى -:" وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين" [الأنعام:٦٨] ويقول - تعالى-: " وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويُستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم " [النساء:١٤٠] فهذا هو الأصل الذي يجب أن يعامل به كل من خاض في آيات الله حتى من المسلمين، ويستثنى من هذا ظهور مصلحة راجحة في الجلوس إليهم كالإنكار عليهم، والجواب عن شبههم، وبيان الحق لهم ودعوتهم إليه، يقول الشيخ ابن سعدي - رحمه الله - في تعليقه على الآية الأولى: هذا النهي والتحريم لمن جلس معهم ولم يستعمل تقوى الله، بأن كان يشاركهم في القول والعمل المحرم أو يسكت عنهم وعن الإنكار، فإن استعمل تقوى الله - تعالى - بأن كان يأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر والكلام الذي يصدر منهم فيترتب على ذلك زواله وتخفيفه فهذا ليس عليه حرج ولا إثم ولهذا قال: " وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء ولكن ذكرى لعلهم يتقون " [الأنعام:٦٩] انتهى كلامه - رحمه الله -.

والمقصود - أخي الكريم - أنك متى آنست من نفسك القدرة على الدعوة إلى الله بعلم وفهم صحيح، وترجح عندك أن المصلحة في الجلوس معهم ومجادلتهم وبيان الحق لهم فلا حرج عليك بل أنت مثاب مأجور إن شاء الله -تعالى -، والله المسؤول أن ينفعك وينفع بك، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>