عميد كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ قضايا المرأة /لباس المرأة وحجابها وعورتها
التاريخ ٢٣/١/١٤٢٥هـ
السؤال
سؤالي: إن كانت تغطية الكفين واجبةً حقّاً، فكيف عرف الرسول -صلى الله عليه وسلم- حقيقة إحدى الصحابيات من الحناء في يدها (أي ميزها عن الرجل؟) .
الجواب
إن الحديث الذي تشير إليه السائلة هو حديث عائشة - رضي الله عنها- قالت: مدت امرأة من وراء الستر بيدها كتاباً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقبض النبي - صلى الله عليه وسلم- يده وقال: ما أدري أيد رجل أو يد امرأة؟ فقالت: بل امرأة فقال: "لو كنت امرأة غيرت أظفارك بالحناء" روى هذا أبو داود (٤١٦٦) ، والنسائي في السنن الصغرى (٥٠٨٩) ، والطبراني في الأوسط (٦٧٠٦) ، والبيهقي في شعب الإيمان (٦٤١٩) والإمام أحمد في مسنده (٢٥٧٢٦) ، وهو ضعيف عند هؤلاء كلهم، فإن في سنده (مطيع بن ميمون) ضعيف لا يحتج به لضعفه وجهالة حاله. نص على ذلك الذهبي في الكاشف والميزان، والحافظ ابن حجر العسقلاني في تقريب التهذيب، وذكر هذا الحديث العقيلي في كتابه "الضعفاء"، ثم لو فرض أنه صحيح لا يمنع من تفسير الحجاب للمرأة بتغطية الوجه واليدين عند من يقول بذلك من السلف والخلف، فيحمل على أنه قبل الأمر بالحجاب ولا أعرف أحداً من العلماء القائلين بجواز كشف الوجه واليدين استدل بهذا الحديث وإنما استدلوا بأحاديث أخرى كحديث عائشة - رضي الله عنها- عند أبي داود (٤١٠٤) واعتمدوا عليه: لما دخلت أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- على النبي -صلى الله عليه وسلم- وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقال:"يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا، وهذا" وأشار إلى وجهه وكفيه وهذا الحديث ضعيف من أربعة أوجه: الأول: أن في إسناده انقطاع؛ فإن خالد بن دريك لم يدرك عائشة - رضي الله عنها-. والثاني: خالد بن دريك هذا مجهول الحال. والثالث: في إسناده أيضاً (سعيد بن بشير البصري) ، ضعيف منكر الحديث ضعفه النسائي وأبو زرعة، وقال فيه يحيى بن معين: ليس بشيء. الرابع: في إسناده اضطراب فمرة يُروى عن عائشة -رضي الله عنها- ومرة عن أم سلمة -رضي الله عنها- ثم هذا الحديث على فرض صحته تعارضه النصوص الصحيحة من القرآن والسنة الدالة على وجوب ستر الوجه والكفين، ثم أيضاً القائلون بجواز كشف الوجه واليدين من علماء السلف والخلف يجمعون على أن الجواز عند أمن الفتنة، فهل الفتنة مأمونة في هذا العصر؟! لا. ثم إن وجه المرأة أجمل ما فيها بل فيه جماع محاسنها، وليس المقام مقام ترجيح قول على قول، وإنما هو بيان ضعف استدلال بحديث لم يصح. وفق الله الجميع إلى كل خير.