للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مصطلحات حديثية]

المجيب د. تركي بن فهد الغميز

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل في مصطلح الحديث والجرح والتعديل

التاريخ ٢٧/٠٧/١٤٢٥هـ

السؤال

بسم الله الرحمان الرحيم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نرجو من فضيلتكم أن تشرحوا لنا معاني هذه الكلمات، التي تبين نوع أو إسناد الحديث: حديث غريب, مرسل, موقوف, مرفوع, منكر, حسن, لا بأس به, حسن غريب, صحيح الإسناد, منقطع, حسن صحيح, وضعيف، وهل يعمل بأمثال هذه الأحاديث؟ نرجو من فضيلتكم توضيح وشرح هذه الكلمات. وفقكم الله لما فيه الخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

فهذا بيان المصطلحات الحديثية التي سأل عنها - السائل- وهي:

١- حديث غريب: الحديث الغريب هو الذي تفرد بروايته راوٍ واحد، وهذه الغرابة قد تكون مطلقة، وقد تكون نسبية، فالغريب المطلق هو ما كانت الغرابة في أصل سنده، يعني بأن لا يكون لهذا الحديث إلا مخرج واحد، فليس له طريق آخر.

وأما الغريب النسبي فهو ما كانت الغرابة في أثناء سنده، يعني له طرق متعددة، وفي أثناء بعضها وقعت الغرابة، وهي التفرد.

والحديث الغريب داخل تحت تقسيم الحديث باعتبار طرقه، وهذا التقسيم ليس من حيث الصحة وعدمها، فقد يكون الحديث غريباً، ويكون إسناده صحيحاً يجب العمل به، مثل حديث: "إنما الأعمال بالنيات" رواه البخاري (١) ، ومسلم (١٩٠٧) عن عمر -رضي الله عنه-، وقد يكون إسناد الحديث الغريب ضعيفاً لا يعمل به، وهذا كثير.

٢- مرسل: أصل الإرسال الانقطاع، فما كان من الحديث مرسلاً فهو منقطع، ولكن اشتهر إطلاق ذلك على ما رفعه التابعي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.

والحديث المرسل في أصله ضعيف للانقطاع الذي فيه، ولكن المراسيل تتفاوت، فمنها مراسيل قوية كمراسيل سعيد بن المسيب، ومنها غير ذلك، وقد يحتف بالمرسل ما يجعله صالحاً للاحتجاج والاستدلال عند كثير من أهل العلم، ومنهم من يحتج به مطلقاً، ومنهم من لا يحتج به أبداً، ولهذه المسألة تفاصيل تنظر في مظانها.

٣- الحديث الموقوف: هو ما نسب إلى الصحابي من قوله أو فعله أو تقريره، وقد يكون الإسناد إليه صحيحاً، وقد يكون ضعيفاً، وقول الصحابي إن خالف نصاً صحيحاً فليس بحجة، وإن خالفه صحابي آخر فهي مسألة خلافية ينظر فيها، وأما إذا اتفق الصحابة - رضي الله عنهم- على شيء فهو حجة يجب العمل به.

٤- مرفوع: الحديث المرفوع هو ما أضيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من قول أو فعل أو تقرير أو صفة، ثم قد يكون صحيحاً يجب العمل به، وقد يكون ضعيفاً لا يجب العمل به.

٥- منكر: الحديث المنكر يطلق على أنواع من الحديث؛ منها: الحديث الذي خالف فيه الراوي الضعيف من هو أوثق منه، كما يطلق على الحديث الذي ينفرد به راو فاحش الغلط، أو نحو ذلك وإن لم يكن فيه مخالفة، بل قد يطلق على حديث الصدوق أو نحوه إذا علم أنه غلط فيه، وقد قال الإمام أحمد بن حنبل: المنكر أبداً منكر، فالحديث المنكر لا يصح العمل به ولا الاحتجاج.

٦- حسن: الحديث الحسن اشتهر في كتب المصطلح تقسيمه قسمين:

١- الحسن لذاته: وهو ما توفرت فيه شروط الحديث الخمسة، إلا أن راويه أخف ضبطاً من راوي الحديث الصحيح.

٢- الحسن لغيره: وهو الحديث الذي فيه ضعف غير شديد، مثل الحديث المرسل إذا جاء ما يعضده، على تفصيل في الاعتضاد متى يكون، وبم يكون، ومبحث الحديث الحسن مبحث فيه غموض، وأشهر من ذكر هذا المصطلح واستعمله هو الإمام الترمذي، وقد اشترط في الحديث الحسن ثلاثة شروط نص عليها في خاتمة كتابه، وهي:

أ- ألا يكون فيه راو متهم.

ب- وألا يكون شاذاً.

ج- وأن يروى نحوه من غير وجه.

وأما العمل به فالمشهور في كتب المصطلح أن الحديث الحسن داخل في دائرة القبول يجب العمل به، ولكن هذا ليس على إطلاقه، خصوصاً في كلام الترمذي، فإن شروطه الثلاثة المذكورة لا يلزم منها القبول.

٧- حسن غريب: سبق معنى الحسن ومعنى الغريب، وهذا المصطلح إنما يكثر من ذكره الإمام الترمذي، وليس بين الحسن والغرابة تعارض على مصطلح الترمذي، فالحسن توفرت فيه شروطه الثلاثة السابقة، وغرابته أن إسناده فرد من الوجه الذي ذكره، ولا يعني ذلك أنه لا يروى من وجه آخر، ولذا فربما قال بعد ذلك: لا نعرفه من هذا الوجه إلا من حديث فلان، وما حكم عليه الترمذي بهذا الحكم ليس يلزم من شروطه السابقة أن يكون ثابتاً، بل الظاهر خلاف ذلك، ولو كان عنده ثابتاً لقال: حسن صحيح غريب، ولكن اختلاف نسخ الترمذي في هذا كثير، فيجب التحقق من صحة النسخة.

٨- لا بأس به: الظاهر أن هذا قريب من معنى الحسن على المشهور، وهو ما كان مقبولاً ولكنه دون الصحيح، وقد يكون لبعض الأئمة اصطلاح يخصه في هذه العبارة، هذا إذا كانت هذه العبارة في حكم على الحديث، أما إذا كانت في الحكم على راوٍ فهي تعني أنه متوسط من صدوق أو نحو ذلك، وبعض الأئمة -كابن معين - تعني عنده التوثيق، والله أعلم.

٩- صحيح الإسناد: الصحيح ما توفرت فيه شروط خمسة متفق عليها بين الأئمة، وهي: عدالة الرواة، وتمام ضبطهم، واتصال الإسناد، والسلامة من الشذوذ، والسلامة من العلة القادحة، ولكن يستعمل بعضهم قوله: صحيح الإسناد فيما توفرت فيه الشروط الثلاثة الأولى فقط، وهذه خطوة أولى لا يصح الاعتماد عليها حتى تستعمل الخطوة الثانية بالسلامة من الشذوذ والعلة القادحة، وإنما يلجأ إلى ذلك بعضهم لحال الاستعجال أو عدم الكتب أو عدم القدرة، أو غير ذلك، وقد حصل من أجل ذلك تشويش وإيهام فينبغي فهم ذلك، وما كان من الحديث صحيحاً فيجب العمل به، أما إذا كان هذا الحكم لتوفر الشروط الثلاثة الأولى فقط، فلا يجب العمل به حتى يتحقق من سلامته من الشذوذ والعلة القادحة ليكون صحيحاً.

١٠- منقطع: هو ما لم يتصل إسناده في أي مكان كان هذا الانقطاع، واشتهر في كتب المتصل التفريق بين أنواع المنقطع المشهورة، الإرسال، وقد سبق، والتعليق وهو ما حذف أول إسناده من جهة المصنف، والمعضل وهو ما سقط منه رجلان فأكثر على التوالي، فالمنقطع هو ما سوى ذلك، مع صحة إطلاق اسم المنقطع على جميع هذه الأقسام كما هو المستعمل عند أئمة الحديث الأولين، والحديث المنقطع ليس بصحيح فلا يجب العمل به.

١١- حسن صحيح: هذا المصطلح أكثر منه الترمذي، وقد وقع للأئمة كلام كثير في معناه، والصحيح فيه ما حققه الحافظ ابن رجب شارح جامع الترمذي، ومفاد ذلك أن الحسن الصحيح توفرت فيه شروط الحسن الثلاثة السابقة عند الترمذي مع شروط الحديث الصحيح المشهورة عند جميع الأئمة، ومعلوم أنه ليس في شروط الحسن زيادة، إلا أنه يروى من غير وجه، فيضاف هذا الشرط إلى شروط الصحيح ليكون الحديث حسناً صحيحاً، وبهذا يكون الحسن الصحيح أعلى مما قيل فيه: صحيح فقط؛ لزيادته شرطاً سادساً على شروط الصحيح، ولا شك أنه يجب العمل بالحديث الحسن الصحيح لثبوته.

١٢- ضعيف: الحديث الضعيف: هو ما فقد شرطاً من شروط قبول الحديث السابقة. والله أعلم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>