أرجو من فضيلتكم التكرم بإرشادي: خطبت بنت عمتي، وقبل عقد الزواج بفترة قصيرة ظهر موضوع الرضاع، وأني رضعت من جدتي (أم الوالد) وكان بعض المشايخ أفتى بجواز الزواج وغيره قال: الأحوط عدمه، حيث إني رضعت من جدتي في فترة انقطاع اللبن؛ لأن بيني وبين عمتي التي قبلي ثلاث سنين، المهم أنهم حرموني من بنت عمتي، وأصبحت أنا الآن خالاً لها من الرضاعة، فهل يجوز لي مصافحتها، وهل يجوز لها أن تكشف رأسها أمامي، وهل يجوز أن نخرج مع بعض؟ بمعنى آخر: هل أصبح محرمًا لها بمعنى المحرم؟ أفيدوني مشكورين.
الجواب
الحمد لله وحده، وبعد:
فإذا ثبت وتأكدت بأنك رضعت من جدتك لأبيك خمس رضعات معلومات، يدخل في كل مرة ترضع منها لبناً إلى جوفك، وعمرك أقل من سنتين، فإنك -بلا شك- تكون خالاً لها من الرضاع؛ لما أخرجه مسلم (١٤٥٢) عن عائشة - رضي الله عنها- قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهن فيما يقرأ من القرآن.
وأما إذا كان أقل من خمس رضعات، أو كان عدد ما دخل جوفك من اللبن منهن أقل من خمس، فإنها تبقى أجنبية عنك.
والإشكال الذي يرد هنا هو أنه إذا ثبت أنك قد رضعت من جدتك أكثر من خمس مرات، وفي كل مرة يدخل إلى جوفك لبن، وكان عمرك حينها أكثر من سنتين، فهل ينتشر التحريم وأنت في هذا السن؟
فهذه مسألة اختلف فيها أهل العلم، والخلاف فيها قوي، والذي نراه ألا تتزوج بها، وأيضاً ألا تتعامل معها كمحرم، فلا تصافحها، ويجب أن تتحجب عنك؛ لإمكانية العمل بالدليلين في المسألة بدون مفسدة؛ قياساً على ما أمر به صلى الله عليه وسلم في قصة اختصام سعد بن أبي وقاص، وعبد بن زمعة في غلام، والمخرجة في صحيح البخاري (٢٢١٨) وصحيح مسلم (١٤٥٧) ، عندما قال صلى الله عليه وسلم:"الولد للفراش وللعاهر الحجر واحتجبي منه ياسودة بنت زمعة"، فلم يحكم بالولد لمن هو يشبهه، وأيضاً أمر بالاحتجاب عنه لوجود الشبه، فلم يعمله في النسب، وأعمله في الاحتجاب. والله تعالى أعلم.