للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحجاب عن الحنفية!]

المجيب أ. د. عبد الله بن محمد الطيار

أستاذ جامعي في جامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ١٢/٠٤/١٤٢٧هـ

السؤال

ما رأي المذهب الحنفي في مسألة الحجاب؟ فكثيراً ما نسمع بأن المذهب الحنفي يحدد حجاب المرأة بتغطية الرأس والشعر دون الوجه، بعكس المذهب الحنبلي، فهل هذا صحيح؟

الجواب

الحمد الله والصلاة السلام على رسول الله، وبعد:

فالأصل في المذهب الحنفي أنه يجوز للمرأة كشف وجهها وكفيها عند أمن الفتنة، لكن المتأخرين منهم منعوا ذلك، لا لأنهما عورة ولكن لانتشار الفساد وغلبة الظن بحصول الفتنة، فضلاً عن تحققها، وهذه بعض نصوصهم في ذلك:

١- روى الحسن عن أبي حنيفة: أنه يحل النظر إلى مواضع الزينة منها من غير شهوة، وأما عن شهوة فلا، لقوله صلى الله عليه وسلم: "العينان تزنيان" رواه أحمد. وليس زنى العين إلا النظر عن شهوة، والأفضل للشاب غض البصر عن وجه الأجنبية، وكذا الشابة، لما فيه من خوف حدوث الشهوة، والوقوع في الفتنة، ويؤيده المروي عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: في قوله تعالى: "إلا ما ظهر منها" [النور:٣١] : أنه الرداء والثياب، فكان غض البصر وترك النظر أزكى وأطهر" (بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ٥/١٢٣) .

٢- وقال شمس الدين السرخسي: " ... فدل أنه لا يباح النظر إلى شيء من بدنها ولأن حرمة النظر لخوف الفتنة وعامة محاسنها في وجهها، فخوف الفتنة في النظر إلى وجهها أكثر منه إلى سائر الأعضاء" (المبسوط ١٠/١٥٢-١٥٣) .

٣- وقال الجصاص في تفسير قوله تعالى: "يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ" [الأحزاب:٥٩] : "في هذه الآية دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها من الأجنبي، وإظهار التستر والعفاف عند الخروج لئلا يطمع أهل الريب فيهن" (أحكام القرآن ٣/٤٥٨) .

٤- وجاء في الدر المختار: "يُعَزِّر المولى عبده، والزوج زوجته على تركها الزينة، ... أو كلمته ليسمعها أجنبي، أو كشفت وجهها لغير محرم" (هامش رد المحتار ٣/٢٦١) .

٥- وقال الطحاوي: "تمنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين رجال لا لأنه عورة، بل لخوف الفتنة كمسه وإن أمن الشهوة لأنه أغلظ" (رد المحتار على الدر المختار ١/٢٧٢) .

٦- وقال ابن عابدين عن صاحب المحيط قوله: " ... دلت المسألة على أن المرأة منهية عن إظهار وجهها للأجانب بلا ضرورة، لأنها منهية عن تغطيته لحق النسك لولا ذلك وإلا لم يكن لهذا الإرخاء فائدة" (رد المحتار على الدر المختار ٢/١٨٩) .

وأذكر لك قول المذاهب في ذلك لترى أن الراجح من الأقوال هو التغطية: فالمذهب المالكي المشهور عنه وجوب ستر الوجه والكفين عند وجود الفتنة، وأما الأجنبي الكافر فجميع جسدها حتى وجهها وكفيها عورة بالنسبة له.

وأما المذهب الشافعي فالراجح في مذهبهم التحريم لكشف الوجه والكفين.

وأما المذهب الحنبلي فالواجب عندهم التغطية.

وإذا أردت الرجوع إلى أكثر من ذلك فراجع كتاب "أدلة الحجاب" للدكتور محمد بن أحمد بن إسماعيل المقدم.

وفقنا الله لهداه، وجنبنا وإياك مساخطه وأليم عقابه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>