رجل تزوج من امرأة أخرى على زوجته، وكان الاتفاق بينهما أن يأتيها مرة في الأسبوع تقريباً، وبعد أن دخل بها بأسبوع طلبت منه هذه الزوجة الطلاق؛ بحجة أنها لا تستطيع أن تستمر بهذا الوضع، فبعد إلحاح الزوجة طلقها الزوج، وبعد فترة زمنية عادت هذه المرأة وطلبت من نفس الرجل العودة إليها وهي موافقة على كل شروطه، فما كان من الرجل إلا وتزوجها من جديد، وبعد فترة زمنية ليست بالطويلة عادت وطلبت منه الطلاق، وتحت الإلحاح من الزوجة طلقها، وقبل انقضاء العدة أرجعها وبقيت معه فترة من الزمن، وفي العام الفائت أراد الزوج أن يذهب إلى الحج، فظنَّ أنه ظالم لزوجته الأولى بزواجه من الثانية، فما كان من الزوج إلا أن طلقها قبل ذهابه إلى الحج، وبعد الحج اتصلت به هذه الزوجة وطلبت منه أن يرجع لها، فقال لها إنها بانت منه بينونة كبرى ولا يصح أن ترجع له، فقالت الزوجة له إنها سألت من يدعى طلب العلم عندنا، فقال لها الطلقات الأولى والثانية لا تحسب بسبب إلحاح الزوجة عليه بطلب الطلاق، وأفتى لها بأن هذه الأمور موجودة في كتاب الله، وأن الإسلام دين يجمع ولا يفرق، فالمرجو منكم التكرم بشرح هذه القضية وتبيين الحكم الشرعي فيها، وهل من سبيل للزوج من إرجاع هذه الزوجة؟ أفتونا مأجورين.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذه الزوجة الثانية قد بانت من زوجها بينونة كبرى؛ لأنه طلقها ثلاث تطليقات متفرقة، وكان أهل الجاهلية لا حد للطلاق عندهم، فجاء الإسلام بتحديد الطلاق ثلاث تطليقات، قال تعالى:"الطلاق مرتان"[البقرة: من الآية ٢٢٨] ... ثم قال تعالى:"فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره"[البقرة: من الآية ٢٣٠] ... فهذه الطلقة هي الثالثة بعد الطلقتين الأوليين، وعلى هذا لا يجوز لهذا الزوج أن يرجع لزوجته التي طلقها آخر ثلاث تطليقات إلا بعد أن تنكح زوجاً غيره، ويدخل بها، ويكون زواجه لها زواج رغبة لا زواج تحليل وخداع، وهذه الأحكام دل عليها كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم-، فلا يجوز لنا حينئذ أن نعارضها بقول: إن الإسلام يجمع ولا يفرق. فهذا إيراد في غير موضعه، وكلام في غير محله، وهو كمثل من يقول: إن الإسلام دين يسر، ويستدل بذلك على إباحة المحرمات من الخمر والتبرج والربا، ونحوها.
هذا هو جواب ما جاء في ظاهر كلام السائل، وقوله (هل من سبيل للزوج من إرجاع هذه الزوجة؟) ، أجيب لا بد من النظر في حال المرأة حين الطلاق ومناقشتها هي والزوج، ومناقشة الزوج متى أوقع الطلاق؟ وما اللفظ الذي تلفظ به؟ وبعد ذلك ينظر في وقوع الطلاق من عدمه، أما والحال ما ذكر في السؤال، فقد بانت منه بينونة كبرى.