للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[علاقة الزوجة بأهل الزوج]

المجيب د. علي بن عبد الله الجمعة

رئيس قسم السنة وعلومها بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ استشارات اجتماعية/مشكلات أسرية

التاريخ ٢٨/٧/١٤٢٣هـ

السؤال

هل يحق لزوجي أن يجبرني على السفر لزيارة أهله؟ مع ما يلحقني من ضرر قد يكون في الدين أحياناً، حيث إن أهله ليسوا من أهل الالتزام ويكثر بينهم ترك الحجاب والاختلاط والغيبة وغير ذلك من المنكرات، مع العلم أننا لا نستطيع تغيير شيء من المنكر، وقد يتأثر أولادنا وبناتنا بشيء من ذلك.

وهل لأهل الزوج حق شرعي على زوجة ابنهم؟ أم يحق لها هجرهم إذا لقيت منهم الأذى؟

الجواب

بسم الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فجواباً عن سؤال السائلة المذكورة: نقول وبالله التوفيق: لا شك أن للزوج على زوجته حق الطاعة بالمعروف، لما رواه أبو داود (٢١٤٠) وغيره عن جمع من الصحابة - رضوان الله عليهم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن، لما جعل الله لهم عليهن من الحق".

وطاعة الزوج على زوجته واجبة ما لم يأمر بمعصية، لما روته عائشة - رضي الله عنها -: أن امرأة من الأنصار زوجت ابنتها فتمعط شعر رأسها، فجاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له، فقالت: إن زوجها أمرني أن أصل في شعرها، فقال: لا، إنه قد لعن الموصلات" أخرجه البخاري واللفظ له في كتاب النكاح باب لا تطيع المرأة زوجها في معصية ص:٣٠٤، رقم الحديث (٥٢٠٥) ، فتح الباري، ومسلم (٢١٢٣) .

أو فيما لا يلحق بها ضرراً في بدنها أو دينها أو مالها أو ولدها، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ضرر ولا ضرار" رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع من الصحابة - رضي الله عنهم - وصححه الألباني في إرواء الغليل المجلد الثالث، ص: ٤٠٨، رقم الحديث: ٨٩٦، فإن لحقها ضرر في بدنها، أو نقص في دينها، أو أخلاقها، فلا تلزم طاعته.

ولكن لتعلم السائلة أن بر والدي زوجها مما يدخل على زوجها السرور، فيكون براً به ومن العشرة بالمعروف، والزوجان مطلوب من كل واحد منهما أن يعاشر الآخر ويتعامل معه بما يقوي أواصر المودة والرحمة، فإن استطاعت الزوجة أن تبر بأهل زوجها دون أن يلحقها ما ورد في سؤالها فحسن، وإن كان كما ذكرت فلا يلزمها السفر إليهم، ولا الاجتماع بهم؛ لأنهم ليس لهم حق واجب عليها، ومالهم من البر والإحسان سقط بحصول المفاسد المترتبة الواردة في السؤال، وإن آنست من نفسها القدرة على التأثير عليهم بإزالة المنكر أو لديها - على الأقل - القدرة أو الحصانة على عدم التأثر بهم وأولادها، فالأولى السفر إليهم؛ لما في ذلك من صلة الرحم وربط الأولاد بأهلهم، وإدخال السرور على الزوج، وكل ذلك أمر محمود دعا إليه الإسلام وحضَّ عليه، قال تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ " الآية، [المائدة: ٢] وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>