أنا شاب متزوج، علاقتي بزوجتي جيدة، ولكنها حين تغضب مني تفقد أعصابها، وتنهال بالدعاء عليَّ، وفي إحدى المرات ازداد دعاؤها قسوة حتى وصل إلى اللعنة، فغضبت وقلت لها:(إذا دعوتِ عليَّ مرة أخرى فستحرمي عليَّ كما تحرم عليَّ أمي، وتكوني طالقًا، لكني لم أتلفظ بكلمة طالق، وإنما كتمتها، ولم تكن نيتي طلاقها أو تحريمها، بل لردعها عن عمل قد يهدم حياة سعيدة. لكنها دعت عليَّ مرة أخرى، فهل يعد هذا ظهاراً؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فذهب جمهور العلماء إلى أن الظهار يصح معجلاً أو معلقاً بشرط. انظر: المبسوط (٦/٢٣٢) ، مواهب الجليل (٤/٥٢) ، شرح الزرقاني (٣/٢٣٠) ، المحرر (٢/٩٠) ، الإقناع (٣/٥٨٦) ، المبدع (٨/٤٠) ، التنبيه (١٨٦) ، المهذب (٢/١١٣) .
فعلى هذا يكون ما حصل منك ظهاراً، وتلزمك الكفارة المنصوص عليها في قوله تعالى:"والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك حدود الله وللكافرين عذاب أليم"[المجادلة:٢-٣] .
ولا يحل لك وطؤ زوجتك حتى تُكفَّر؛ للآية السابقة، ولقوله -صلى الله عليه وسلم- للمظاهر:"لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به". رواه الترمذي (١١٩٩) ، والنسائي (٣٤٥٧) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- وقال الترمذي: حسن غريب صحيح. كما حسنه الحافظ ابن حجر في الفتح (٩/٤٣٣) .
أما ما يتعلق بالطلاق، فبما أنك لم تتكلم به فلا شيء عليك؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم به" رواه البخاري (٦٦٦٤) ، ومسلم (١٢٧) ، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وقال الترمذي بعد روايته هذا الحديث برقم (١١٨٣) ما نصه: والعمل على هذا عند أهل العلم أن الرجل إذا حدث نفسه بالطلاق لم يكن شيءٌ حتى يتكلم به. أ. هـ. وانظر: نيل الأوطار (٦/٢٩٠) . والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.