[هل خلاف الصحابة في رؤية النبي ربه خلاف في الأصول]
المجيب عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ ١٥/٠١/١٤٢٧هـ
السؤال
يقال: إن الصحابة لم يختلفوا في العقيدة والأصول؟! فكيف نوفق بين ما قاله ابن عباس -رضي الله عنهما- من أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- رأى وجه ربه ليلة الإسراء والمعراج، وبين نفي عائشة -رضي الله عنها- لذلك؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالصحابة لم يختلفوا في مسائل الاعتقاد، ولم يختلفوا في صفات الله، بل هم يؤمنون بها، ويصفون الله بها؛ فيؤمنون بأنه تعالى حي قيوم سميع بصير، وأنه على كل شيء قدير، وأنه مستوٍ على العرش، عالٍ على خلقه، وأنه سبحانه وتعالى مع عباده كما أخبر بذلك عن نفسه، وأخبر رسوله -صلى الله عليه وسلم- وهذا هو موجب الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، فيجب الإيمان بكل ما أخبر الله به عن نفسه، وأخبر به عنه رسوله صلى الله عليه وسلم، كما يجب الإيمان بما أخبر به من المبدأ والمعاد والجنة والنار، والماضي والمستقبل، هذا ما مضى عليه الصحابة والتابعون لهم بإحسان، وتبعهم على ذلك أهل السنة والجماعة.
وكذلك لم يختلفوا في القدر وأفعال العباد وفي حكم أهل الكبائر، وهذا الاتفاق لا يمنع أن يختلفوا في بعض الجزئيات، كمسألة رؤية النبي -صلى الله عليه وسلم- لربه ليلة المعراج، كما اختلفوا في تفسير بعض الآيات، هل هي من آيات الصفات؟ كقوله تعالى:"ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله"[البقرة: ١١٥] ، فالأكثرون قالوا المراد بالوجه الجهة، وهي القبلة، فوجه الله قبلة الله كما قال مجاهد، وقال بعض أهل السنة:(وجه الله) هو وجهه الذي هو صفته سبحانه وتعالى، وليس ذلك اختلافاً في إثبات الوجه لله -سبحانه وتعالى- فإنه ثابت بالنصوص التي لا تحتمل، كقوله تعالى:"ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام"[الرحمن: ٢٧] . وعائشة -رضي الله عنها- لم ترو عن النبي -صلى الله عليه وسلم-من قوله (لم ير ربه) بل هذا ما فهمته -رضي الله عنها. صحيح البخاري (٤٨٥٥) ، وصحيح مسلم (١٧٧) .
وقد سأل أبو ذر النبي -صلى الله عليه وسلم- هل رأيت ربك؟ "قال: رأيت نوراً". صحيح مسلم (١٧٨) .
وقد جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- من قوله إن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى ربه، وفي رواية:(رأى ربه بقلبه) انظر صحيح مسلم (١٧٦) ، والسنة لابن أبي عاصم (١٩٢) ، والمستدرك (٢/٥٠٩) ، والإيمان لابن منده (٢/٧٦١) . وليس فيه أنه رأى وجه ربه، ولا أنه رآه بعينه.