للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سبب نزول آية الكرسي]

المجيب د. الشريف حاتم بن عارف العوني

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٢٨/٠١/١٤٢٧هـ

السؤال

هل يصح كون سبب نزول آية الكرسي الحديث الآتي: (سأل بنو إسرائيل رسولهم موسى: هل ينام ربك؟ فقال موسى: اتقوا الله، فناداه ربه عز وجل: يا موسى سألوك هل ينام ربك؟ فخذ زجاجتين في يديك فقم الليل، ففعل موسى، فلما ذهب من الليل ثلث، نعس فوقع لركبتيه، ثم انتعش فضبطهما، حتى إذا كان آخر الليل نعس، فسقطت الزجاجتان فانكسرتا. فقال الله تعالى: يا موسى لو كُنت أنام لسقطت السماوات والأرض، فهلكن كما هلكت الزجاجتان في يديك) ؟. ولهذا السبب أنزلت آية الكرسي. أرجو الرد.

الجواب

الحمد لله ذي المحامد العليّهْ، والصلاة والسلام على هادي البشريّهْ، وعلى أزواجه والذريّهْ، أما بعد:

فلهذا الحديث -الذي فيه قصةٌ لموسى مع ربّه عز وجل، عن تنزيه الله تعالى عن النوم- رواياتٌ:

الأولى: رواية أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-:

أخرجها أبو يعلى في المسند (٦٦٦٩) ، وابن جرير في تفسيره (٤/٥٣٤) ، وابن أبي حاتم في التفسير (١٨٠١٥) ، والدارقطني في الغرائب -كما في أطرافه- (٥٢٢٩) ، والبيهقي في الأسماء والصفات (٧٩) ، والخطيب في تاريخ بغداد (١/٢٦٨) ، وابن الجوزي في العلل المتناهية (٢٣،٢٢) ، كلهم من طريق أميّة بن شبل، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن أبي هريرة، به.

لكن جاء فيه أن موسى -عليه السلام- هو الذي وقع في نفسه السؤال عن الله عز وجل: هل ينام؟!!

وأميّة بن شبل اليماني لمّا ترجم له الذهبي في ميزان الاعتدال (١/٢٧٦) ، لم يذكر فيه توثيقاً، بل قال: "له حديث منكر، رواه عن الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن أبي هريرة مرفوعاً، قال: وقع في نفس موسى: هل ينام الله ... الحديث، رواه عنه هشام بن يوسف. وخالفه معمر، عن الحكم، عن عكرمة قوله، وهو أقرب، ولا يسوغ أن يكون هذا وقع في نفس موسى، وإنما رُوي أن بني إسرائيل سألوا موسى عن ذلك".

فأضاف ابن حجر في اللسان (٢/٢١٩) أن ابن حبان ذكره في الثقات.

قلت: وفاتهما أن يحيى بن معين قال عنه: "ثقة"، كما في الجرح والتعديل (٢/٣٠٢) ، والثقات لابن شاهين (١٠٩) ، وتاريخ الإسلام للذهبي (٤/٥٨٣) .

وفاتهما أيضاً أن علي بن المديني قال عنه في سؤالات محمد بن عثمان بن أبي شيبة له (٢٠٢) : "ما بحديثه بأس".

إذن فأميّة بن شبل مقبول الحديث حَسَنُه، لكن تبقى العلّتان اللتان أشار الذهبي إليهما.

- مخالفته لمعمر بن راشد، وتأتي.

- والنكارة في متنه، والتي أشار إليها البيهقي أيضاً في الأسماء والصفات، ثم ابن كثير في تفسيره.

أما رواية معمر بن راشد عن الحكم بن أبان عن عكرمة موقوفاً عليه، ليس فيه ذكر أبي هريرة ولا النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخرجها عبد الرزاق في تفسيره (١/١٠٢) ، ومن طريقه ابن جرير في تفسيره (٤/٥٣٣) ، والخطيب في تاريخ بغداد (١/٢٦٨-٢٦٩) .

ونبّه الخطيب إلى مخالفة رواية أميّة بن شبل لرواية معمر، وكذلك ابن عساكر في تاريخ دمشق.

ولا شك أن معمر بن راشد أحفظ وأتقن بمراتب من أميّة بن شبل، فحديثه أولى، ولذلك أورد ابن الجوزي هذا الحديث في العلل المتناهية، أي أنه يعدّه من الأحاديث الشديدة الضعف.

<<  <  ج: ص:  >  >>