أعمل بوظيفة محترمة، ولكن في مكان غير محترم؛ حيث فيه فساد أخلاقي واختلاط، وأرى كل يوم أشياء محرمة، فهل يجب علي أن أترك هذا المكان أو أبقى مع الابتعاد تماماً عن زملاء السوء،؟ علماً أن فرص العمل الآن قليلة جداً، أرشدوني ماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد ذكرتِ أختنا الكريمة -حفظك الله- أنكِ تعملين في مكان غير محترم ويكثر فيه الاختلاط وما ذكرتهِ -إن كنت لا تستطيعين تجنب الاختلاط، وتغيير المكان لمكان محترم- فإنه يستدعي تركك للعمل، والبحث عن عمل آخر محترم لا اختلاط فيه، فعن أبي موسى -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير؛ فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحاً خبيثة". رواه البخاري (١٩٩٥) ، ومسلم (٢٦٢٨) .
قال العلامة ابن عثمين -رحمه الله تعالى-: "الذي أراه أنه لا يجوز الاختلاط بين الرجال والنساء بعمل حكومي، أو بعمل في قطاع خاص، أو في مدارس حكومية أو أهلية، فإن الاختلاط تحصل فيه مفاسد كثيرة ولو لم يكن فيه إلا زوال حياء المرأة وزوال الهيبة عن الرجال، لأنه إذا اختلط الرجال والنساء أصبح لا هيبة عند الرجال، وهذا أعني -الاختلاط بين الرجال والنساء- خلاف ما تقتضيه الشريعة الإسلامية، وخلاف ما كان عليه السلف الصالح. ألم تعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم-جعل للنساء مكاناً خاصاً إذا خرجن إلى مصلى العيد، لا يختلطن بالرجال، كما في الحديث الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حين خطب في الرجال نزل وذهب للنساء فوعظهن وذكَّرهن، وهذا يدل على أنهن لا يسمعن خطبة النبي -صلى الله عليه وسلم- أو إن سمعن لم يستوعبن ما سمعن من الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثم ألم تعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها وخير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها"، وما ذلك إلا لقرب أول صفوف النساء من الرجال، فكان شر الصفوف، ولبعد آخر صفوف النساء من الرجال فكان خير الصفوف، وإذا كان هذا في العبادة المشتركة فما بالك بغير العبادة، ومعلوم أن الإنسان في حال العبادة أبعد ما يكون عما يتعلق بالغريزة الجنسية، فكيف إذا كان الاختلاط بغير عبادة، فالشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم في العروق، فلا يبعد أن تحصل فتنة وشر كبير في هذا الاختلاط.