هل يصحّ كما يبدو أنّ هناك آيةً قرآنيّةً تُبيح للرجل ضربَ زوجته؟ وإذا كان الجواب إيجابيًّا, ألا يكون في ذلك حثّ على العنف الزوجي؟ وشكرا مقدّما.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد قال تعالى:(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا)[النساء:٣٤] . وهذه الآية آية محكمة غير منسوخة، ولكن كثيرا من الناس لم يفهم المراد منها، فعمل بفهمه الخاطئ، وتعدى على المرأة، وظن أن هذا من الدين، وإذا رجعنا للمنهج الإسلامي في تعامل الزوجين تبين لنا جليا أنه لا يحث على ما يظنه البعض "لعنف الزوجي"، بل يحث على الألفة، والمحبة، والعشرة بالمعروف، وذلك في آيات، وأحاديث نبوية كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر:
قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: "وجماع المعروف بين الزوجين كف المكروه، وإعفاء صاحب الحق من المؤنة في طلبه، لا بإظهار الكراهية في تأديته، فأيهما مطل بتأخيره فمطل الغني ظلم" ا. هـ أحكام القرآن للشافعي (١/٢٠٤) ، الأم (٥/٨٩) .
وقال الطبري -رحمه الله تعالى-: "يعني جل ثناؤه بقوله (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ) : وخالقوا أيها الرجالُ نساءَكم وصاحبوهن (بِالمَعْرُوفِ) يعني بما أمرتم به من المصاحبة، وذلك إمساكهن بأداء حقوقهن التي فرض الله جل ثناؤه لهن عليكم إليهن، أو تسريح منكم لهن بإحسان" ا. هـ تفسير الطبري (٤/٣١٢) .
وقال ابن قدامة -رحمه الله تعالى-: "وقال بعض أهل العلم: التماثل هاهنا في تأدية كل واحد منهما ما عليه من الحق لصاحبه بالمعروف، ولا يمطله به ولا يظهر الكراهة، بل ببشر وطلاقة، ولا يتبعه أذى ولا منة، لقول الله تعالى: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالمَعْرُوفِ" وهذا من المعروف ويستحب لكل واحد منهما تحسين الخلق مع صاحبه، والرفق به، واحتمال أذاه، لقول الله تعالى: "وبالوالدين إحسانا وبذي القربى" ... إلى قوله: "والصاحب بالجنب" قيل: هو كل واحد من الزوجين" ا. هـ المغني (٧/٢٢٣) .