للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العمل في نظام قضائي يخالف الشريعة]

المجيب هاني بن عبد الله الجبير

قاضي بمحكمة مكة المكرمة

التصنيف الفهرسة/القضاء

التاريخ ٢/٢/١٤٢٣

السؤال

هل يجوز العمل بمهنة في القضاء إذا كانت القوانين المطبقة في النظام القضائي ليست كلها مطابقة للشريعة الإسلامية؟ والمهنة هي وكيل نيابة أرجو سرعة الإجابة الواضحة والاستشهاد بالقرآن والسنة.

الجواب

إذا كانت القوانين القضائية المذكورة في السؤال مخالفة لشرع الله كتغيير حدود الزنا والسرقة، وكجعل التشريع حقّاً لغير الله من مجالس وبرلمانات، وكتحليل لبعض ما حرم الله ونحو ذلك مما يخالف الشرع، فلا يجوز العمل في المهن القضائية فيه، سواءٌ كان قاضياً أو مدعياً عاماً مطالباً بتنفيذ هذه القوانين.

إذ هذا العمل أولاً مخالفة لشرع الله -تعالى- وخروج عن أمره قال -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول" (النساء:٥٩) ، وقال: "إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا" (النور:٥١) ، وقال: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" [الحشر:٧] .

وثانياً معارضة لحق الله -تعالى- في التشريع والحكم بين عباده، قال -تعالى-: "إن الحكم إلا لله" [يوسف:٤٠] ، وقال: "أفغير الله أبتغي حكماً وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً" [الأنعام:١١٤] ، ووصف الله -تعالى- نفسه بأنه أحكم الحاكمين، وقال: "والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب" [الرعد:٤١] .

وقد رتب الله -تعالى- على التحاكم إلى غير شرعه والحكم بغير ما أنزل وعيداً شديداً فقال: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم" [النساء:٦٥] ، وقال: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" [المائدة:٤٤] .

وهذه المسألة أوضح من أن يستدل عليها فهي من أصول الدين وقواعده العظيمة، ومعنى الإسلام: الخضوع لأمر الله والاستسلام له.

وكل من عرف أن لا إله إلا الله فلا بد له أن ينقاد لحكم الله ويسلّم لأمره الذي جاء من عنده على يد رسوله، فالله -تعالى- هو رب الناس وإلههم، فكما أنه الخالق فهو سبحانه الآمر الذي يجب عليهم طاعة أمره كما قال -تعالى-: "ألا له الخلق والأمر" [الأعراف:٥٤] .

ومهنة وكيل النيابة إن كانت تتضمن تطبيقاً لقانون يخالف الشرع أو حكماً به وعملاً وتداعياً إليه فهي محرمة لما مر من الأدلة، وفق الله المسلمين لتطبيق شرع رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>