للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحكم على معين بسخط الله عليه]

المجيب صالح بن درباش الزهراني

عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ١٩/٠١/١٤٢٧هـ

السؤال

كيف أعرف أن الله -سبحانه وتعالى- راضٍ أو ساخط على المؤمنين؟

الجواب

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وبعد:

فمما ينبغي أن يُعلم أن الطاعات سبب لحصول رضوان الله، وأن المعاصي سبب لحلول سخط الله، وأدلة ذلك كثيرة متضافرة، قال تعالى: "وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا" [سورة المائدة:٣] ، وقال تعالى: "وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ" [سورة الزمر:٧] ، والله يرضى عن الصادقين، "قَالَ اللهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"، [سورة المائدة:١١٩] ، والمؤمنون "جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ"، [سورة البينة:٨] ، والنفس المطمئنة بالإيمان يقال لها: "ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً"، [سورة الفجر:٢٨] .

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخطهما". أخرجه الترمذي (١٨٩٩) ، وابن حبان (٤٢٩) . وقال في الرضا عن أقدار الله: "فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط". أخرجه الترمذي (٢٣٩٦) ، وابن ماجه (٤٠٣١) ، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم". أخرجه البخاري (٢٤٥٧) ، ومسلم (٢٦٦٨) ، وغيرها من النصوص.

فالله يرضى الإيمان والإسلام وسائر الطاعات، ويحب المؤمنين الطائعين ويرضى عنهم، ويبغض ويسخط الكفر والنفاق وسائر المعاصي، ويكره الكفار والمنافقين بشتى صنوفهم ويسخط عليهم.

هذه هي القاعدة العامة في هذه المسألة، لكن يبقى القول في المعيّنين من الطائعين والعاصين، فهؤلاء لا يمكن الشهادة لأحد منهم بعينه أنه مرضيٌّ عنه أو مسخوط عليه، إلا بدليل من الشرع؛ لأن الشهادة لمعيّن من غير دليلٍ رجمٌ بالغيب وتألٍّ على الله، فقد يعمل الإنسان الخير فيما يظهر للناس، ولكن يختم له بخاتمة سيئة فيكون مسخوطاً عليه، وقد يعمل العمل السيئ فيما يظهر للناس، ثم يختم له بخاتمة حسنة فيكون مرضيًّا عنه، كما ورد في الحديث: "إنَّ أَحَدَكُمْ ليَعْمَلُ بعَمَلِ أهْلِ الجَنَّةِ حتى ما يكُون بَيْنَها وبَيْنَهُ إلا ذِرَاعٌ، فَيَسْبقُ عَليْه الكِتابُ فَيَعْمَلُ بعَملُ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ. وإنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهل النَّارِ حتى ما يَكُون بَيْنَها وبَيْنَهُ إلا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكتابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أهل الجنَّةِ فَيَدْخُلُها)) . رواه البخاري (٧٤٥٤) ، ومسلم (٢٦٤٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>