البربهاري هو: الحسن بن علي بن خلف أبو محمد البربهاري: شيخ الحنابلة في وقته ومتقدمها في الإنكار على أهل البدع والمباينة لهم باليد واللسان، وكان له صيت عند السلطان، وقدم عند الأصحاب، وكان أحد الأئمة العارفين والحفاظ للأصول المتقنين والثقات المؤمنين، صحب جماعة من أصحاب الإمام أحمد منهم المروذي، وصحب سهل التستري، وصنَّف البربهاري مصنفات منها شرح كتاب السنة.
وكانت للبربهاري مجاهدات ومقامات في الدين كثيرة، وكان المخالفون يغيظون قلب السلطان عليه، ففي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة في خلافة القاهر ووزيره ابن مقلة تقدم بالقبض على البربهاري، فاستتر وقبض على جماعة من كبار أصحابه، وحملوا إلى البصرة وعاقب الله -تعالى- ابن مقلة على فعله ذلك بأن أسخط عليه القاهر، وهرب ابن مقلة وعزله القاهر عن وزارته، وطرح في داره النار فقبض عليه القاهر بالله يوم الأربعاء لست من شهر جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة، وحبس وخلع وسملت عيناه في هذا اليوم حتى سالتا جمعاً فعمى ثم تفضل الله -تعالى- وأعاد البربهاري إلى حشمته وزادت، حتى أنه لما توفي أبو عبد الله بن عرفة المعروف بنفطويه وحضر جنازته أماثل أبناء الدنيا والدين كان المقدم على جماعتهم في الإمامة البربهاري وذلك في صفر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، وفي هذه السنة ازدادت حشمة البربهاري، وعلت كلمته وظهر أصحابه وانتشروا في الإنكار على المبتدعة، فاجتاز بالجانب الغربي فعطس فشمته أصحابه فارتفعت ضجتهم حتى سمعها الخليفة وهو في روشنه فسأل عن الحال فأخبر بها فاستهولها ولم تزل المبتدعة ينقلون قلب الراضي على البربهاري فتقدم الراضي إلى بدر الحرسي صاحب الشرطة بالركوب والنداء ببغداد أن لا يجتمع من أصحاب البربهاري نفسان، فاستتر وكان ينزل بالجانب الغربي بباب محول فانتقل إلى الجانب الشرقي مستتراً فتوفي في الاستتار في رجب سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.
قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمته للبربهاري: شيخ الحنابلة القدوة الإمام أبو محمد الحسن بن علي بن خلف البربهاري الفقيه كان قوالاً للحق، داعية إلى الأثر، لا يخاف في الله لومة لائم، صحب المروذي، وصحب ابن عبد الله التستري، فقيل إن الأشعري لما قدم بغداد جاء إلى أبي محمد البربهاري فجعل يقول: رددت على الجبائي رددت على المجوس وعلى النصارى، فقال أبو محمد: لا أدري ما تقول، ولا نعرف إلا ما قاله الإمام أحمد فخرج وصنف الإبانة فلم يقبل منه.