للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[دراسة المسلمة في الكليات الطبية الغربية المختلطة]

المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/ العلم/صفات وآداب العالم والمتعلم

التاريخ ٠٣/٠٧/١٤٢٦هـ

السؤال

أنا طالبة مقيمة في كندا مع والدي، وبعض الناس نصحوني أن أكمل دراستي، وأدخل طب أسنان، ويقولون: إن فيها خدمة لنساء المسلمين، أما أنا فإنني لا أحب الاختلاط والحديث مع الرجال الأجانب، وأعلم أن الحياء وعدم الاختلاط بالرجال من أخلاق وصفات المرأة المسلمة، فهل يحل لي أن أختلط مع الرجال من أجل مراعاة مصلحة عامة وهي استغناء المريضات عن التكشف للأطباء الرجال؟ ثم إن بعض الناس يقولون لي: إن طب الأسنان لا يوجد في دراسته اختلاط كما يوجد في الطب البشري، وأنا فعلاً محتارة، لأنني عندما كنت أحضر شهادة في علوم الأحياء والكيمياء في الجامعة كان عدد الطالبات ٧٠-٨٠% وعدد الطلاب ٢٠-٣٠% فقط، فهل عدم دخولي كلية طب الأسنان فيه نوع من الغلو في الدين والتشدد المنهي عنه؟ أرجو نصحي وإفادتي، وجزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فإن عدم دخولك كلية طب الأسنان ليس من الغلو في الدين في شيء بل هو ورع تؤجر عليه المرأة، ولكن لا يعني أنه هو الفعل الأَوْلى، والأصلح، وفي تقديري أن المسألة لا يمكن أن يكون لها حكم واحد في كل وقائعها وصورها وأحوالها، فالأمر يختلف اعتباراً باختلاف تديّن المرأة واختلاف طبيعة الاختلاط ودرجته، واختلاف البلدان ونُظُمها، فبعض الكليات يكون الاختلاط فيها بمقدار يسير منضبط مراقب أشبه ما يكون بالاختلاط في الطرق والأماكن العامة، فيكون الاختلاط فيها أهون بكثير من كليات أخرى.

وبعض البلدان لديها من الأنظمة والعقوبات الصارمة ما يزجر الشباب عن التعرض للنساء وابتزازهن ومضايقتهن، على عكس بعض البلدان الأخرى التي تتساهل في تطبيق العقوبات، فلا ينزجر الشباب عن مضايقة النساء.

لست أريد بهذه المقارنة أن أهون من شأن الاختلاط المحرم، لكني أريد أن أبين أن المسألة ليس فيها حكم قاطع مضطرد في جميع الأحوال. فهذه السائلة تعيش في كندا مع أهلها، وتريد أن تنفع بنات جنسها في مجال لا تزال الحاجة فيه ماسة إلى من تقوم بأمره من النساء الثقات المأمونات.

وظاهرٌ من سؤالك -أختي السائلة- أنك متدينة محافظة متحرّزة من مخالطة الرجال ومحادثتهم قدر الإمكان، فلا عليك من بأس -إن شاء الله- أن تلتحقي بتلك الكلية، على أن تكون نيتك سد ثغر بلدك الذي ما زالت النساء فيه بحاجة إلى متخصصات ثقات مأمونات تغنيهن عن التكشف للأطباء الرجال، وعليك أن تحرصي أشد الحرص على الابتعاد عن الجلوس بمقربة من الرجال، أو الترخص بالحديث معهم في غير حاجة فضلاً عن التساهل بتوثيق العلاقة بأحدهم، أو الخلوة برجل لا يحل لك، وأن تشعري مع هذا كله أن دراستك في تلك الكلية حالة خاصة اقتضتها الحاجة ومراعاة المصلحة الراجحة، وإلا ففيها بعض المفاسد عسى الله أن يعينك على درئها والتحرز منها، وفقك الله لكل خير.

<<  <  ج: ص:  >  >>