أنا أفعل الخير وأساعد الآخرين، وعندما أعلم أنهم سعداء يصيبني القهر والغيرة، وإذا علمت أن قريبة أو صاحبة لي خطبها رجل أغتم وأبكي، كما حصل لصاحبتي المقربة، فلا أريد أن تتعلق بأحد أكثر مني! لا أدري ما مشكلتي.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فاعلمي أختي أن الغيرة طبع سائر في النساء إلا من رحم الله، وشيء موجود في طبيعة المرأة، لكن على المؤمنة ألا تفتح المجال أمام هذه الطبيعة لتكون باباً من أبواب الشيطان عليها، بل لابد أن تجاهد نفسها لمنع هذه الغيرة ومنع آثارها على النفس وعلى غيرها من أخوتك المسلمات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "ما خلا جسد من حسد ولكن الكريم يخفيه واللئيم يبديه "فكل إنسان قد يجد في نفسه شيئاً من الحسد أو الغيرة، لكن المؤمن الكريم يجاهد نفسه ويدافع الإحساس بالحسد، ويحاول أن يطهر نفسه من هذا الشعور الدنيء بأن يستشعر نعمة الله عليه، ويعلم أن الأرزاق والنعم كلها مقسمة من عند الله وبحكمة من الله، فعلى المؤمن أن يرضى بما قسمه الله له، ويعلم أن المال والنعم ما هي إلا ابتلاء للعبد ليعلم الله أيشكر أم يكفر، وقد أرشدنا رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- لعلاج هذا الأمر فأمرنا -صلى الله عليه وسلم- بأن ننظر في أمور دنيانا إلى من هو أدنى منا، ولا ننظر لمن هو أعلى منا؛ حتى لا نزدري نعمة الله علينا، أما في أمور العبادة والطاعة فعلى المرء أن ينظر إلى من هو أعلى منه شأناً؛ حتى تنشط نفسه للعبادة وتزداد همته.
ثم عليك أختي أن تذكري الله سبحانه عند رؤيتك للنعم على غيرك حتى لا تضريهم بجسدك فتزول عنهم النعمة بسبب هذا الحسد، بل عليك الدعاء لهم بالبركة فيما رزقهم الله، واعلمي أن حرمانك من نعمة ما قد يكون ابتلاءً واختباراً لك هل تصبرين على البلاء وهل تلتجئين إلى ربك في هذه المحنة، أم أنك تقنطين من رحمة الله وتيأسين.
وقد يكون هذا الحرمان بسبب ذنب أصبتيه، فعليك الاستغفار والتوبة من الذنوب والرجوع إلى الله.
وأخيراً أوصيك باللجوء إلى الله بأن ينقي قلبك من الحسد "ربنا لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا".
أما ما يتعلق بخشيتك من بُعد صديقتك عنك أو من تعلقها بغيرك فهذا أمر يحصل كثيراً عند الفتيات، لكن عليك أن تفكري في الأمر بعقلك لا بعاطفتك، فأنت وهي لابد وأن تعيش كل منكما حياتها، لكن المهم هو أن تبقى العلاقة طيبة بينكما. والله أعلم.