للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[يزعم أننا نعبد الحجر الأسود، فكيف أقنعه؟!]

المجيب خالد بن عبد العزيز السيف

(عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) .

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/اخرى

التاريخ ١٠/٠٢/١٤٢٦هـ

السؤال

فضيلة الشيخ: أثناء مناقشتي مع زميل غير مسلم سألني: لماذا يعبد المسلمون حجراً أسود يحفظونه في الكعبة ويتفاخرون بلمسه، فلم يقتنع بأننا نعبد الله الواحد الأحد، حيث إنه يقول إننا نتوجه إلى هذا الحجر بالعبادة, فكيف أشرح له؟ أفيدونا أفادكم الله، علماً بأنه لا يعتقد بوجود الله، ولا يمكنني أن أقنعه بالقرآن الكريم؛ لأنه لا يصدق بالله ولا بالقرآن.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:

من أصول الحوار والمناقشة مع من لا يؤمن بالإسلام سواء كان يتبع أديان كتابية أو غير كتابية، أو لا يتبع ديناً أصلاً؛ ألا يُناقش في الجزئيات والفرعيات، لأن النقاش فيها يضيع الوقت ولا يجلب فائدة تُذكر، والأصل في ذلك البداءة في الأصول الكلية، فمثلاً عند مناقشة اليهود والنصارى الأفضل البداءة بالقضايا الأساسية في هذه الأديان كنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وختم النبوة به، ومسائل ألوهية المسيح والكتاب المقدس، ومثل ذلك من الأصول الكلية في هذه الأديان، وأيضاً الأديان غير السماوية مثل البوذية والهندوسية يحاورون في أصول دينهم، كأصل بوذا وأصل الهندوسية وآلهتهم وغيرها.

أما إذا كان المحاج لا يؤمن بالله أصلاً فالأولى أن يُبدأ فيه في الأصل وهو إثبات وجود الله ومناقشته، فيه فإذا أثبت وجود الله ينتقل إلى المرحلة الثانية، وهو أثبات أن هذا الإله لما خلق الخلق لم يتركهم هملاً بل أرشدهم إلى الطريق الصحيح وذلك بوساطة رسل وأنبياء، وهؤلاء الأنبياء كان مصداق نبوتهم إتيانهم بالمعجزات الخارقة لمجرى الطبيعة التي تبين أنهم أنبياء، ومعجزاتهم حفظتها البشرية من أقدم العصور، ومن هؤلاء الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، الذي أتى بالدين الإسلامي. وهذه الأدلة كلها عقلية تنفع مع من لا يؤمن بالقرآن.

أما ما ذكرت من اعتقاد زميلك من أن المسلمين يعبدون الحجر الأسود فهذه دعوى لا تقبل إلا بالدليل، وعلى المدعي أن يأتي بالدليل وإلا سقطت دعواه ـ إن كان المدعي موضوعياً ـ وهذا الدليل يجب أن يكون من كتب المسلمين ومن مراجعهم العلمية المعتبرة، وأما الادعاء فمن السهولة أن يدعي أحد على أي أحد أنواعاً من الأقوال الكاذبة، ولكن يبقى المحك الأساسي هو الإثبات والتوثيق.

أما ما يعتقده المسلمون في الحجر الأسود حقيقة فكما جاء عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في صحيح مسلم (١٢١٠) من حديث عبد الله بن سرجس قال: (رأيت عمر بن الخطاب يقبِّل الحجر الأسود ويقول: والله إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ". فالمسلمون لا يعبدون الحجر، ولا يقبلونه لكونه شيئاً آخر؛ بل امتثالاً لسنة من يعتقدون أنه نبي، وأنه صادق من عند الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>