[الهدف من الحياة]
المجيب د. سعيد بن ناصر الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز
التصنيف الفهرسة/ الرقائق والأذكار/المراقبة والمحاسبة
التاريخ ٢٠/١/١٤٢٣
السؤال
ما الهدف من الحياة؟
الجواب
لا يخفى على كل إنسان أن لكل شيء في الوجود غاية ووظيفة في الحياة، فالطائرة للنقل الجوي، والسفينة للنقل البحري، والملابس لتغطية الجسد وتزيينه، والساعة لضبط الوقت وهكذا.
والإنسان له دور ووظيفة أعلى وأعظم لأنه أهم المخلوقات في هذه الأرض، وأهميته تنبع من كونه قد أعطي قوى وإمكانيات عظيمة منها السمع والبصر وأجهزة الحس الأخرى التي هي بمثابة لواقط يجمع بها الإنسان المعلومات من حوله، وترسل للعقل -العضو الأهم- والذي يمارس عملية الإدراك والتمييز والاختيار، ومن خلاله يستطيع معرفة غاية وجوده في الحياة، وهذه هي الخطوة الأولى لبناء هدف الحياة في داخل هذا الكائن المتميز.
وعند التأمل في الحياة وما يتعلق بها وما يدور فيها من متغيرات وأحداث نجد أنها تشير بوضوح إلى حكمة في مسارها، وغاية في وجودها وأحداثها، وأن حياة الإنسان بوصفه مخلوقاً متميزاً في حياة لا تسير بعشوائية، بل لا بد أن تكون ذات هدف ويتحدد هذا الهدف من النقطة الأولى، أو من السؤال الأول: "مَنْ الذي أوجدنا في هذه الحياة؟ ولماذا أوجدنا؟ ".
ومن المعروف عقلياً ووجدانياً عند الإنسان ذي العقل الواعي والقلب المستيقظ أن الله -تعالى- هو الخالق، وأنه خلقنا لنكون سعداء بعبادته ولنؤدي واجب الشكر له، ونرتقي إلى درجة المحبة له والتعظيم له، من خلال اتباع منهاجه الذي أرسل به رسله ومنهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد -صلوات الله وسلامه عليه-.
هذا هو الهدف الجوهري في الحياة، إذا استطاع الإنسان أن يحققه فيها فإنه سيخرج من دوائر الإهمال والشتات، ويدخل دائرة القصد والوحدة، وبذلك تتمهد له الأهداف العقلية والشعورية والعملية في هذه الحياة، وتنتظم في سلك واحد متجانس غير متشاكس.
أما إذا فقد الإنسان هذا الهدف الأولي وهذا المقصد الجوهري من وجوده فإن حياة التناقض والحسرة والتعب سوف تحيط به من كل جانب.
ولذلك يمكن أن يقال لكل عاقل يريد أن يصل إلى هذه الصورة الرائعة، ويستمتع بصوت الضمير الهادئ، ويستشعر طعم السعادة والطمأنينة: هاهو الطريق يبدأ منك، استخدم قدراتك بطريقة عظيمة، امتلك الحكمة الكافية للتمييز بين ما هو صحيح وما هو خطأ، وامتلك الإرادة الجيدة لتحقيق الرغبة في أداء الأشياء الصحيحة فقط، وامتلك القوة الكافية لتنفيذ الأشياء الصحيحة.
والمبتدأ هو في الإجابة الحقيقية على الأسئلة الكبرى: "من أين جئت؟ ولماذا أنا في الحياة؟ وماذا بعد هذه الحياة"؟
ومن الحقائق المعروفة أنه إذا كان الإنسان لا يدري أين يريد فإن أي طريق سوف يوصل إلى لا شيء، وإذا كان هذا المخلوق المكرم يسير بلا هدف لوجوده وحياته فإنه بذلك يسير على خطة الأمس الكئيب، وفي الغد سوف يصل إلى اليوم الحزين، أما إذا اغتنم الإنسان فرص العقل المدرك، والقلب المستشعر، والروح المتوهجة، والطاقات الهائلة لديه ووجهها لشكر خالقه بالعبادة فإنه بذلك يغتنم نقاط القوة لديه، ليصل إلى الاستقرار والسعادة والسلام الداخلي.