للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم العادة السرية للضرورة]

المجيب د. عبد العزيز بن أحمد البجادي

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/ الآداب والسلوك والتربية/هموم الشباب

التاريخ ٢٧/٣/١٤٢٢

السؤال

أنا طالب في كلية الطب، وفي بلادنا لا توجد كليات غير مختلطة. فبحكم دراستي، وبرغم غض البصر، إلا أن الشاب منا يرى المتبرجات المتزينات بغير قصد ولا إرادة، ثم إن هذه الصور تتراكم في الذهن وأدفعها قدر الإمكان، لكني أحياناً أجد فوراناً للشهوة حتى ربما استمر معي الأمر يومان أو ثلاثة يصحب ذلك تغير في المزاج، وضيق.

وإذا كان الاستمناء محرماً، وهذا ما أدين الله به، فهل يجوز في هذه الحالة من باب الضرورة؟

وأفيدكم يا شيخ أني راجعت التفاسير وعلمت أن المفسرين يقولون في قوله تعالى ((فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)) أن الاستمناء من هذا. فأنا يا شيخ في حيرة، ولا أدري ماذا أفعل، وأسألك يا شيخ أن ترشدني أيضاً للمصادر التي ذكرت هذه المسألة بتوسع. والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، وجزاكم الله خيراً.

الجواب

الاستمناء كثر السؤال عنه في هذا الزمن الذي كثر فيه داعي الفساد، وتنوعت فيه وسائل الإغراء، فوجب التفصيل فيه. ذلك أن مريده إما أن يكون أراده لضرورة، وإما أن يكون لغير ضرورة، فإن كان لضرورة كما لو خاف الزنا، أو خاف مرضاً إن لم يفعله فهو مباح له بإجماع الأئمة، لأنه أخف المفسدتين. ونقلت طائفةٌ إجماع العلماء عليه، إلا أن بعضهم يشترط عدم قدرته على الزواج أو التسرّي.

وإن كان أراده لحاجة، كما لو أراده للتلذّذ؛ فقد قال بتحريمه جماهير العلماء، أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأصحابهم، وغيرهم من المتقدمين والمتأخرين، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وأجازه في الرواية الأخرى مع الكراهية. والتجويز منقول عن ابن عمر وابن عباس، والحسن، ومجاهد وعمرو بن دينار، وبه قال ابن حزم.

وقد تمسك من قال بتحريمه بخمسة أمور:

أحدها: قول الله تعالى: ((والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)) ، فإن الله أباح أولاً الزوجة والأمة، ثم حرم ما عداها بقوله: ((فمن ابتغى وراء ذلك)) .

والجواب: أن الله تعالى ذكر المباح وهو الزواج والتسري، وذكر المحرم من جنس ما أباحه هنا، (وهو النساء بلا زواج أو تسرٍّ) .

وهذا التفسير وإن لم يغلب على الظن عند تأمل هذه الآيات، فهو تفسير محتمل، وحينئذ فالتفسير الأول واحد من احتمالين، فلا يكون قاطعاً.

الثاني: حديث عبد الله بن مسعود في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء)) ، فلو كان الاستمناء جائزاً لأرشد إليه العاجز عن الزواج، لأنه أسهل من الصوم.

والجواب: أنه لا يلزم الإرشاد إليه لما فيه من الوضاعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>