أنا شاب ملتزم على طاعة الله منذ عام تقريباً، ولقد وجدت والله السعادة واللذة الحقيقية، ولكن بعد مضي شهور أحسست بنوع من الفتور، فلم أستطع الخشوع، وبدأت أرتكب الذنوب والمعاصي حتى وقعت في الكبائر، ولقد أحسست أني بفعلي هذا منافق، أرجو نصحي وإرشادي، وأنا الآن أصبت بحالة من الإحباط والخوف من عذاب الله في الدنيا قبل الآخرة، أجيبوني جزاكم الله خيراً.
الجواب
السلام عليكم، وبعد:
شكراً لمراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، والجواب على استفسارك كما يلي:
معلوم أن الإنسان يمر بمراحل مختلفة وأحوال متنوعة، وبقاؤه على حال من الجد أو ضده تحيله طبيعة البشر من التقلب والتحول، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لحنظلة بن عامر - رضي الله عنه - يوم أن شكا له عدم ثباته على حال من الخشوع والإخبات فقال له: إنا نكون عندك يا رسول الله وكأن على رؤوسنا الطير وإذا فارقناك عافسنا النساء ولاعبنا الأولاد، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مبيناً له استحالة بقاء الإنسان على حال واحدة:" والذي نفسي بيده إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ولكن يا حنظلة ساعة وساعة ثلاث مرات" أخرجه مسلم (٢٧٥٠) من حديث حنظلة الأسيدي - رضي الله عنه-، فإن تغير حال الإنسان طبيعة فطرية، وليس هذا محل إنكار إنما محل الإنكار أن تنقلب الحالة من خير إلى شر، أو من طاعة إلى معصية، لذلك أخبر عليه الصلاة والسلام أن لكل عمل شرة وفترة، يعني مرحلة جد وضعف، فقال:"فمن كانت فترته إلى سنة فقد اهتدى" أحمد (٢٢٣٧٦) عن رجل من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأنصار، ففي مسند أحمد (٦٤٧٣) وغيره عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم إن لكل عمل شرة، وإن لكل شرة فترة، فمن كانت شرته إلى سنتي فقد أفلح، ومن كانت شرته إلى غير ذلك فقد هلك، وفي لفظ:"إن لكل عمل شرة، وإن لكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد أفلح، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك" أحمد (٦٦٦٤) ، فالواجب على العبد عند الضعف أن يحرص على التمسك بالفرائض وأصول الدين والبعد عن المحرمات، فإن وجد نفسه ثقيلة على النوافل والمستحبات فلا بأس بتركها فترة ليعود إليها بشوق وهمة أكبر، وفي نفس الوقت يعالج أسباب هذا الضعف وسبب رجوعه للذنوب مرة أخرى.
إن تحسسك للأسباب يختصر عليك المسافة في معالجة ما جد من تغير، وذلك بترك تلك الأسباب والرجوع للحال التي كانت النفس فيها مقبلة، وحالة الفتور هذه يتعرض لها كثير من السائرين إلى الله، فإن أحسنوا معالجتها وإلا كانت وبالاً على بعضهم، يتردى بسببها إلى الحضيض، وإني أنصحك بالرجوع إلى كتابين عالجا أمر الفتور معالجة جيدة، الكتاب الأول: آفات على الطريق للدكتور: محمد السيد نوح، والثاني الفتور للدكتور: ناصر العمر، واحرص أخي على البعد عن الأصحاب الذين أضعفوا فيك التمسك بدينك، واحرص على لزوم الأخيار والصالحين، وأكثر من الاستعانة بالله عز وجل، والله يثبتنا وإياك على الحق حتى نلقاه وهو راض عنا إنه جواد كريم، والسلام عليكم.