ما رأي الدين فيمن لا يجد حرجاً في أكل مال الفائدة العائد من البنوك الربوية، مبرراً ذلك بكون الإسلام حرّم الربا حتى يحمي الفقير من جشع وطمع الغني، وحتى يتم التكافل بينهما؟
الجواب
دلت النصوص الصريحة من القرآن والسنة على حرمة الربا أخذاً وإعطاءً وتعاوناً، ومن ذلك قوله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة"[آل عمران:١٣٠] وقوله -تعالى-: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين"[البقرة:٢٧٩] .
والربا الذي ورد في السؤال هو ربا القرض وهو: اشتراط الزيادة في رد بدل القرض.
حيث يتفق المقرض -وهو هنا العميل- مع المقترض -وهو البنك- على أن يقرضه مبلغاً من المال -وهو الذي يودعه عنده- مقابل نسبة مئوية محددة كـ ٦% مثلاًَ، وسواءً في ذلك كان الاتفاق صريحاً أو ضمنياً أو كانت الزيادة بمبلغ مقطوع أونسبة مئوية محددة، أو كان المقرض غنياً أو فقيراً.
أما ادعاء التفريق بين القرض الإنتاجي والاستهلاكي فيجوز الربا في الأول دون الثاني؛ لأن الأول يقترض لينتج ويستثمر -كما هو الشأن في البنك- ومن ثمَّ يجوز أخذ الربا عليه فإن هذا غير صحيح لما يلي:
١-عموم النصوص القرآنية والأحاديث النبوية المحرمة للربا من دون تفريق بين نوع وآخر.
٢-أن العباس بن عبد المطلب عم النبي -صلى الله عليه وسلم- ورضي عنه- كان يقترض في الجاهلية لأجل استثمار الأموال، فيعطي المقرض نسبة محددة والباقي له، ومع ذلك حرمه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ووضعه كما ورد في حديث حجة عام الوداع. فيما رواه مسلم (١٢١٨) من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-