للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هل يلزم إتمام العقد إذا طرأ غلاء فاحش]

المجيب د. إبراهيم بن محمد قاسم رحيم

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٢٦/٠٣/١٤٢٧هـ

السؤال

تمّ عقد بيع بين طرفين بشرط تأجيل تسليم العروض، وعندما حان وقت تنفيذ العقد تغيَّرت الأوضاع الاقتصادية كثيرًا، بحيث يسبّب تنفيذ العقد خسارة فاحشة لأحد الطرفين. فهل يجوز شرعاً -في مثل هذه الحالة- أن تتدخّل الحكومة لمنع الأذى عن أحد الطرفين؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فالذي يظهر من السؤال أن هذا من صور عقد السلم الذي يتم فيه تعجيل الثمن وتأجيل المثمن, لأن مراده بتأخير تسليم العروض (أي المعقود عليها) ، ثم حصل التغير في القيمة إما برخص شديد في العروض، بحيث تكون الخسارة على دافع النقود "المسلم"، أو بغلاء شديد تكون فيه الخسارة على المسلم إليه "آخذ الثمن"، وهذا يعد صورة من صور التضخم في الاصطلاح الاقتصادي المعاصر، وهو مشكلة تعرض لها الفقهاء قديماً وحديثاً من جهة التصرف في دين السلم قبل قبضه والاعتياض عنه, فجمهور العلماء على المنع من ذلك بناء على حديث: "من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره" أخرجه أبو داود (٣٤٦٨) وغيره.

واختار شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم جواز بيع المسلم فيه قبل قبضه لمن هو في ذمته بثمن المثل أو دونه ولا يجوز بأكثر منه، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما [مختصر الفتاوى المصرية (٣٤٥) ، ومجموع الفتاوى (٢٩/٥٠٣) ، وتهذيب السنن (٥/١١١) ] .

ولهم في ذلك تفصيلات، لكن عندي أن الصورة تأخذ نفس الحكم، باعتبار أن التضخم يستوجب التنازل من أحد الطرفين، والاعتياض عن دين السلم بأقل مما وقع التعاقد عليه لهذا الاعتبار دفعاً للضرر.

ويمكن أن تخرج على مسألة أخرى وهي تعذر المسلم فيه، لأن التعذر قد يكون حقيقياً بعدم وجود المسلم فيه، أو حكمياً بارتفاع السعر ارتفاعاً ظاهراً يسبب ضرراً على الطرف الآخر.

والجمهور من العلماء يرون أن المسلَّم إليه يخير بين الصبر إلى وجود المسلم فيه أو فسخ السلَّم والرجوع برأس المال إن كان موجوداً، أو عوضه إن تعذر، وهذا ينطبق على ما ذكرناه في هذه المسألة، وتدخل الدولة بالفصل حل في مثل هذه الحالات؛ لأنها خصومة في مسألة اجتهادية، وحكم الحاكم يرفع الخلاف. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>