للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإكراه وعقوبة الردة]

المجيب أ. د. عبد الرحمن بن زيد الزنيدي

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ١٩/١/١٤٢٥هـ

السؤال

غير المسلم مخير بين الإسلام أو البقاء على دينه، بينما المسلم إذا لم يرغب في استمرارية إسلامه يكون مرتدا، ً وبذلك تطبق عليه عقوبة المرتد وهي القتل بعد الاستتابة. إلا يدخل هذا المسلم في قول الله -تعالى-: " لا إكراه في الدين ... ". أرجو منكم توضيح هذه المسألة بالتفصيل. وجزاكم الله خيراً.

الجواب

منهج الإسلام أن التدين مبناه على الاختيار ولا قيمة في الإسلام لإسلام ظاهري بينما الباطن مطمئن بالكفر فلا إكراه في الدين، ولهذا لا يرغم أهل الكتاب على الدخول في الإسلام في ظل الدولة الإسلامية، بل تحفظ حقوقهم حيث يعيشون بسلام في المجتمع المسلم ومتميزين عن الأكثرية المسلمة ومسالمين بها.

الإسلام في المجتمع المسلم ليس فلسفة نظرية ولا رؤية اجتهادية مؤقتة، إنه خيار المجتمع كله فكراً ونظام حياة، فإذا ارتد فرد بعد الدخول في الإسلام فإنه يكون مسيئاً إلى الإسلام وداعياً للتفلت منه ومعادياً للمجتمع، وعادة ما يفعل هذا عملاء لأعداء الأمة أو متربصون بها شراً "وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون" آل عمران: ٧٢] .

فالارتداد في المجتمع المسلم هو في حقيقته خروج عليه وخيانة وطنية، ولهذا قال -صلي الله عليه وسلم- في حديث: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، وذكر منهم: "والتارك لدينه المفارق للجماعة" رواه البخاري (٦٨٧٨) ، ومسلم (١٦٧٦) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- فقرن الردة بمفارقة الجماعة، ولهذا المرتد الذي لا يعلن ارتداده ولا يدعو إليه لا يعاقب، والمنافقون - وهم كفار لم يعلنوا كفرهم- كانوا يعيشون مع الرسول - صلى الله عليه وسلم- وصحابته - رضي الله عنهم- وهم معروفون له، وبعضهم معروف لكثير من الصحابة من خلال فلتات ألسنتهم أو مواقفهم ولم يعاقبوا على نفاقهم. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>