قال تعالى:(وما كان ربك مهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون) هل يشمل هذا الخطاب في الآية المسلمين والكافرين، وهل يأمن الكفار الهلاك إذا سعى بعضهم لنبذ ما يخالف الفطرة من محرمات، أمثال أولئك الكفار الذين يتظاهرون في البلدان الغربية، لمنع إقرار الشذوذ في بلدانهم، وهل السعي بالإصلاح في شيء واحد يكفي للنجاة من العقوبة، أم لابد من إنكار كل محرم والنهي عنه حتى يندفع الهلاك العام؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
قيل: معنى هذه الآية كما قال القرطبي: (وما كان ربك ليهلك أهل القرى بشركهم وكفرهم وهم مصلحون فيما بينهم في تعاطي الحقوق) ، أي لم يكن ليهلكم بالكفر وحده حتى يضاف إليه الفساد كما أهلك قوم شعيب لبخس الميزان والمكيال، وقوم لوط باللواط، وغيرهم ببغيهم وطغيانهم على أنبيائهم ورسلهم وفي الترمذي (٢١٦٨) من حديث أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- مرفوعاً:"إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه".
ولكن الأقرب في معناها: ما كان ربك يا محمد ليهلك القرى التي قص عليك نبأها ظلماً وأهلها مصلحون، ولكن أهلكها لكفر أهلها بالله، وتماديهم في غيهم، وتكذيبهم رسلهم، وركوبهم السيئات.
والأمر في ذلك واسع، وكلا المعنيين وارد، فإن من سنة الله الكونية إهلاك الظالم ولو بعد حين، والمتأمل في التاريخ يجد مصداق ذلك في الدول والمجتمعات، فكم من دولة بادت واندثرت حين بغت واعتدت، وكم من أخرى مكنها الله في الأرض حين أقامت العدل.