للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[زواج المسيار ومقاصد النكاح!]

المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد

عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/ النكاح/زواج المسيار والزواج العرفي والزواج بنية الطلاق

التاريخ ٠٢/٠٦/١٤٢٧هـ

السؤال

سمعنا بقرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلاميّ في مكة المكرَّمة، والذي صدر في (١٢ نيسان) . وفيه إجازة ما يعرف بزواج (المسيار) ، وكذلك زواج (الفرند) القائمين أساساً على تنازل المرأة عن حقها في السَّكن والنفقة.

كيف نوفق بين هذه الفتوى وبين قوله تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآياتٍ لقومٍ يتفكرون".

أم أن هذه الفتوى مجرد نظرة تحصر علاقة الزّوجين في العلاقة الجنسية فقط؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

ما جاء في آية سورة الروم من أمر سكن الزوج لزوجته، مقصد من مقاصد الزواج، وليس بشرط يتوقف عليه صحة عقده، كما أن من أعظم مقاصد الصلاة أن تنهى عن الفحشاء والمنكر، ومع ذلك لو أتى المصلي بشروط الصلاة وأركانها وواجباتها، فإن صلاته تصح، حتى ولو لم تنهه عن الفحشاء والمنكر. فلماذا يصح هذا القول في الصلاة ولا يصح في النكاح؟!

بل إن صوراً من الأنكحة التي توافرت فيها حقوق الزوجة كاملة غير منقوصة: من حق السُكنى، والمبيت، والنفقة ... إلخ صحيحة بالإجماع لتوافر شروطها، حتى ولو لم يتحقق فيها سكن الزوج إلى زوجته، ولم تتحق بينهما المودة والرحمة، فهل يصح أن يقال عن هذه الأنكحة التي لم تتحقق فيها المودة الرحمة وسكن الزوج لزوجته: إنها باطلة مع أن المرأة أخذت حقوقها كاملة غير منقوصة؟!

فإذا كان هذا في الأنكحة التي أُعطيت فيها الزوجة حقوقها كاملة، فكذلك الأنكحة التي أسقطت فيه الزوجة بعض حقوقها: كحق المبيت، أو حق النفقة، أو حق السُكنى.

ويمكن أن يستدل لصحة عقد الزواج مع إسقاط حق المبيت أو النفقة أو السكنى، بما جاء في الصحيح أن سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، لما كبرت خافت أنْ يطلقها الرسول -صلى الله عليه وسلم- فوهبت ليلتها لعائشة على أن تبقى في عصمته -صلى الله عليه وسلم-...، صحيح البخاري (٥٢١٢) ، وصحيح مسلم (١٤٦٣) ، وأبو داود (٢١٣٥) . ولم يجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- إسقاطها لحقها في المبيت سبباً لإبطال عقد نكاحه بها.

ثم إن المرأة -غالباً- لا تُسْقِطُ حقًّا لها إلاَّ لظرفٍ تعلم أنه مما يزهد الخُطَّاب فيها، وإلا فإن كل عاقلة رشيدة، تدرك يقيناً أن تنازلها عن بعض حقوقها الممنوحة لها شرعاً من غير مقابل تفريطٌ ليس له أي معنى.

والمقصود أن هذا النوع من النكاح ليس من لوازمه التي لا تنفك عنه: الابتزاز، أو استغلال المرأة والمساومة على بعض حقوقها، فكثيراً ما تتنازل المرأة عن بعض حقوقها طواعية من نفسها من غير إكراه ولا ابتزاز، لما تعلم من حالها وظروفها ما يضطرها لهذا، التنازل، والواقع يشهد بهذا. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>