[لا يزال السؤال يدور، هل الأرض تدور؟]
المجيب د. عبد الوهاب بن ناصر الطريري
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً
التصنيف الفهرسة/ العلم/مسائل متفرقة
التاريخ ١/٦/١٤٢٢
السؤال
هل الأرض تدور حول الشمس، أم أن الشمس هي التي تدور حول الأرض؟
فقد قرأت أن ظاهر الأدلة يقول: إن الشمس هي التي تدور حول الأرض. وهذا يُعارض ما يقوله العلم الحديث.
وأنا أعلم وأؤمن أنه لا يتعارض نصٌّ صريح مع عقلٍ صحيح، ولكن ليطمئنّ قلبي.
الجواب
لاشك أن النصوص تذكر قرار الأرض وجريان الشمس، وهذا ليس فقط ظاهر النصوص، بل هو ظاهر المحسوس المدرك لكل الناس، فكل البشر على الأرض يدركون ثبات الأرض وحركة الشمس، وأنا وأنت منهم، والله -عز وجل- خاطب الناس في القرآن بما يدركونه ويحسونه، وذكر ذلك في مساق الامتنان عليهم بنعمته وتذكيرهم بعظمته -جل جلاله-.
وخطاب القرآن خطاب عام للأجيال المتعاقبة، وليس خطاباً خاصاً لفئة من الناس في عصر من العصور؛ ولذا خاطبهم بما يشتركون جميعاً في إدراكه والإحساس به.
وأما ما ذكرت من كلام علماء الفلك فهو لا يعارض هذا؛ لأن علماء الفلك يصفون حقيقة الوضع الفلكي بعيداً عن المدرك المحسّ للناس، فحركة الأجرام في الفلك الواسع تدرك بحسابات رياضية خاصة، أو مراصد فلكية معينة. وهذا أمر خاص لم يتنزّل القرآن لبيانه؛ إذ إن كتاب الله-عزّ وجلّ- كتاب هداية وإرشاد للعباد، وليس كتاب فلك أو طب أو تشريح. وكل ما ورد فيه مما يتعلق بهذه العلوم فإنما ذكر لأمر يتعلق بالهداية والإرشاد الشرعي.
فهي مسوقة -كما سبق- لبيان عظمة الخالق -جل جلاله-، ومنته على عباده، واستحقاقه جل وعز أن يعبد وحده، وتأمل قول الله تعالى: ((يسألونك عن الأهلّة قل هي مواقيت للناس والحج)) . فانظر كيف لفتت الآية السائلين عن الأمر الفلكي الذي سألوا عنه إلى الأمر الشرعي الذي هم معنيّون به.
وإذا نظرنا إلى الآيات بهذه النظرة فإننا لن نجد أنفسنا في يوم من الأيام أمام شبهة تعارض بين نصوص الكتاب وكشوف العلم. والخلط في هذا الأمر يدخلك في مخاضة من الكلام قلّما تخرج منها بما يهديك في دينك، أو ينفعك في دنياك.
ومن المعلوم أن الرجوع في كل فنّ إلى أهله، وفي كل علم إلى المختصين به، ومن تكلّم في غير فنّه أتى بالعجائب. وأما محاولة عسف النصوص ليتلاقى ظاهرها مع اكتشافات العلم فهذا من التكلّف الذي لم نؤمر به ((وما أنا من المتكلفين)) .
واذكّرك وأنت على ذكر -إن شاء الله- بالاهتمام بالأنفع والأجدى من مسائل العلم، وتناول ما يهمّك بشكل مباشر قبل غيره.
وقدِّم الأهم ّ إنّ العلم جمّ
والعمر ضيفٌ زار أو طيفٌ ألمّ
وفقك الله، وسدّدك، وزادك إيماناً ويقيناً.