للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحكمة من نهي المعتدة عن الخروج]

المجيب د. نايف بن أحمد الحمد

القاضي بمحكمة رماح

التصنيف الفهرسة/الجديد

التاريخ ٢٠/٠٣/١٤٢٧هـ

السؤال

ما الحكمة في عدم خروج المعتدة من بيتها أثناء عدة الوفاة؟ وهل لها أن تظهر على غير محارمها من الأقارب في فترة العدة، علمًا أنها من القواعد من النساء؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فعن زينب بنت كعب بن عجرة، أن الفريعة بنت مالك بن سنان وهي أخت أبي سعيد الخدري -رضي الله عنهما- أخبرتها أنها جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة؛ فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا حتى إذا كانوا بطرف القدوم لحقهم فقتلوه، قالت: فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أرجع إلى أهلي، فإني لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة؟ قالت: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "نعم" قالت: فخرجت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد دعاني أو أمر بي فدعيت له فقال: "كيف قلت؟ ". فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي، قالت: فقال: "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله". قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً، قالت: فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به. رواه أبو داود (٢٣٠٠) ، والترمذي (١٢٠٤) ، والنسائي (٣٥٢٩) ، وقال الترمذي: حسن صحيح.

وقد قال الأئمة الأربعة بوجوب ملازمة الحاد من وفاة بيتها، ولا حرج عليها أن تخرج نهاراً لحاجتها، كمراجعة المستشفى أو المدرسة أو السوق ونحو ذلك، ولكن لا تبيت إلا في بيتها، قال ابن عمر -رضي الله عنهما-: (لا تبيت المتوفى عنها زوجها ولا المبتوتة إلا في بيتها) رواه مالك (١٢٣٣) ، وابن أبي شيبة (٤/١٥٣) ، والبيهقي (٧/٤٣٥) ، ولها أن تكلم من شاءت من الرجال من محارمها وكذا من غيرهم إذا دعت الحاجة إلى ذلك، مع التزامها بالستر والحجاب الشرعي وعدم الخلوة.

أما الحكمة من مشروعية لزوم المعتدة من وفاة بَيتها فهي امتثال أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، وهذه أعظم الحكم وأعلاهاً، قال تعالى: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا" [الأحزاب:٣٦] فهذا من أعظم الحكم وأكملها، قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "والكون في بيتها عبادة" ا. هـ زاد المعاد (٥/٦٩٠) .

وقال -رحمه الله تعالى-: "فإن قيل: فهل ملازمة المنزل حق عليها أو حق لها؟ قيل: بل هو حق عليها إذا تركه لها الورثة، ولم يكن عليها فيه ضرر، أو كان المسكن لها، فلو حولها الورثة، أو طلبوا منها الأجرة، لم يلزمها السكن وجاز لها التحول" ا. هـ زاد المعاد (٥/٦٨٧) .

ومع ذلك فقد التمس بعض العلماء حكما منها: "قال الشافعي -رحمه الله- لا إحداد على المطلقة؛ لأنه وجب إظهاراً للتأسف على فوت زوج وَفَى بعهدها إلى الممات، وهذا قد أوحشها بالفراق فلا تتأسف عليه" ا. هـ تبيين الحقائق (٣/٣٥) ، العناية شرح البداية (٤/٣٣٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>