ورد إلى نافذة الفتاوى سؤال يتعلق بالمحاماة، فأجاب فضيلة الشيخ/ أحمد الرشيد - حفظه الله - عنه وكان عنوان الفتوى (دراسة الحقوق والعمل في المحاماة) ثم وردنا تعقيب من أحد قرائنا الأعزاء على هذه الفتوى، يستشكل أن القوانين المتَّبعة في وظيفة المحاماة لا تستند إلى الشريعة الإسلامية، فيكون الأساس الشرعي ساقطاً شرعاً لهذه الوظيفة.
وقد تم عرض هذا التعقيب على الشيخ المجيب، فتفضَّل بالإجابة. جزاه الله عنا خيراً، فإليكم التعقيب والتوضيح.
التعقيب:
لي تعليق على فتوى فضيلة الشيخ الرشيد، وأرجو من الشيخ أن يتَّسع صدره لجهلي، والفتوى على العنوان التالي:(دراسة الحقوق والعمل في المحاماة)
أولا: هل هناك مجال لوظيفة المحامي المتعارف عليها في ظل تحكيم الشريعة الإسلامية؟ وإذا كان كذلك فهناك فرع في علوم الشريعة يهتم بتدريس هذا المجال وفق الضوابط الشرعية، وهنا لا خلاف إذا كان الجواب بنعم.
ثانيا: إذا لم يكن كذلك فالشيخ تجاهل كون وظيفة المحاماة - التي يتخرَّج صاحبها بعد دراسة القوانين الوضعية من الجامعة - ومن ثم فهي تتحاكم إلى القوانين الوضعية، والقضايا المتَّصلة بها بالمحاكم يتم التعامل معها وفق الدستور والقوانين القضائية للدولة التي لا تستند إلى الشريعة الإسلامية، فضلاً عن إقصائها لها، إلا ما حصر في شيء من القوانين المدنية أو المحاكم الأسرية إذا صحّ الاصطلاح، وغير ذلك في الدوائر المختلفة بالمحاكم، ووفق ذلك فالأساس الشرعي لهذه الوظيفة يكون ساقطاً شرعاً لتحاكمه للطاغوت واعتماده عليه، وجزاكم الله خيراً.
*****
التوضيح
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فإن وظيفة المحاماة المشهورة في العصر الحاضر لا يمكن إطلاق القول فيها بأنها حلال أو حرام؛ لأنه ليس لها حكم في ذاتها، ولكن حكمها يتبع الأمر الذي يقوم المحامي بالدفاع عنه، فإن كان أمراً واجباً أو جائزاً فإن المحاماة حينئذٍ تكون مشروعة. وإن كان الأمر الذي يقوم المحامي بالدفاع عنه محرماً فإن المحاماة حينئذٍ تكون غير مشروعة. ولذلك فإنه إذا طلب أحدٌ من المحامي الدخول في أي قضية، فإن عليه أن ينظر: فإن كان الحق معه دخل فيها، وإلا فإنه يحرم عليه أن يدافع عن باطل، بل ويجب عليه أن ينصحه ويبين له بطلان دعواه. ومن خلال ما سبق يتبين أن المحاماة عن الحق والدفاع عنه له أصل في الشريعة، وذلك داخل في أمر الشريعة بمساعدة المظلوم والانتصار له، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" رواه البخاري، وفي هذا العمل ردٌ للأمانات لأهلها، والله سبحانه وتعالى يقول:"إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها"، وفي العموم فإن في المحاماة عن الحق والدفاع عنه تعاوناً على البر والتقوى، والله سبحانه وتعالى يقول:" وتعاونوا على البر والتقوى".