أود أن أسأل فضيلة الشيخ: هل الزنا مع أم الزوجة (قبل وبعد الزواج) يحرم العلاقة مع الزوجة، علماً بأننا - أنا وزوجتي - نعيش الآن خارج البلاد، وعندنا أولاد. جزاكم الله خيراً. والسلام عليكم.
الجواب
فعلك هذا مع أم زوجتك يعد جريمتين لا جريمة واحدة، ذلك أن زنى المحصن يوجب شرعاً رجمه بالحجارة، ووقوع الزنا مع إحدى المحارم جريمة أخرى توجب القتل حداً، ولو لم يكن محصناً، لحديث ابن عباس - رضي الله عنهما-: "من وقع على ذات محرم فاقتلوه" رواه الحاكم (٨١١٩) والترمذي (١٤٦٢) وابن ماجة (٢٥٦٤) وغيرهم، فاتق الله في نفسك وفي محرمك، فكما تدين تدان، واعلم أن الذنوب منها ما يعجل فيه العقوبة في الدنيا قبل عذاب الآخرة، فمن تعدى على الحرمات وأعراض الناس كان الجزاء من جنس العمل عاجلاً غير آجل، ففي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه-: "عفوا نساء الناس تعف نساؤكم، وبروا آباءكم تبركم أبناؤكم" رواه الحاكم (٧٣٤٠) وغيره، وقديماً قيل:
لو كنت في النساك مثل الهيثم *** لا تزن بامرأة فذاك محرم
في أهله يزنى بربع الدرهم *** من يزن في قوم بألفي درهم
كان الوفاء في أهل بيتك فاعلم *** إن الزنى دين إذا استقرضته
وأما ما وقع السؤال عنه: هل فعلك هذا يحرم العلاقة مع أهلك، فالراجح أن ما مضى منك لا يحرم أهلك عليك؛ لأن الله تعالى حرم بنت المدخول بها بنكاح وليس بسفاح لقوله تعالى:"وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ"[النساء: من الآية٢٣] ، ولأن الحرام لا يحرم الحلال، وقد روى الدارقطني (٣/٢٦٨) في سننه عن عائشة - رضي الله عنها- قالت:"سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن رجل زنى بامرأة فأراد أن يتزوجها أو ابنتها قال: "لا يحرم الحرام الحلال إنما يحرم ما كان بنكاح"، وله عن ابن عمر - رضي الله عنهما- نحوه.