إمام المسجد الذي نصلي فيه يدعو في الوتر، فيقول:"اللهم إنَّا نقسم عليك بك أن تدخلنا الجنة". فما الحكم فيما يقول؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإن الإقسام على الله -تعالى- أنواع:
أحدها: أن يكون الحامل عليه التصديق واليقين بما أخبر الله به ورسوله، كأن يقول: والله ليدخلن الله المؤمنين الجنة، والكافرين النار. فهذا مشروع.
الثاني: أن يكون الحامل له على ذلك العجب بالنفس، وسوء الظن بالله، والجهل، كالرجل الذي قال: والله لا يغفر الله لفلان! فقال الله عز وجل: "من ذا الذي يَتَأَلَّى عليَّ أن لا أغفر لفلان! فإني قد غفرت لفلان وأحبطت عملك" رواه مسلم (٢٦٢١) . فهذا محرم.
الثالث: أن يكون الحامل له على ذلك ما يجد في قلبه من حسن الظن بالله، وقوة الرجاء، ونقاء السريرة، كما وقع لأنس بن النضر -رضي الله عنه- حين قال: والله لا تُكسر ثنية الرُّبيع! فألقى الله في قلوب أصحاب الحق العفو. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره" رواه البخاري (٢٧٠٣) ، وقوله صلى الله عليه وسلم:"رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره". رواه مسلم (٢٦٢٢) .
فالذي يظهر لي أن مثل هذا الدعاء لا يصدر بصيغة الجمع:(إنا نقسم عليك) ؛ لأن مبناه على قوة الصلة بين عبد معين وربه، وذلك العبد من أهل الله وخاصته، ولهذا أتى بكلمة (رُبَّ) التي تفيد التقليل، لعظم منزلته عند الله، كما قال النووي -رحمه الله- فمن آنس من نفسه قوة يقين ورجاء فليقسم بنفسه، وإلا فليلزم جوامع الدعاء. والله أعلم.