سؤالي عن امتناع الفتاة عن الزواج، هل هو جائز شرعاً؟ وهل تأثم الفتاة بذلك وتعتبر راغبة عن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم-؟ مع العلم أن امتناعها دون سبب أو مانع شرعي لذلك، ولكم جزيل الشكر.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:
إن الزواج من نعم الله العظيمة التي شرعها لعباده، وهو من سنن المرسلين ويستمد قواعده من الدين، وفيه رحمة من الله -تعالى- بخلقه، وعناية بشؤونهم قال - تعالى-: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ"[الروم:٢١] ، وقال -تعالى-: "وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ"[النور: من الآية٣٣] ، وهي عامة في الرجل والمرأة.
والنكاح له فوائد عظيمة من دخل فيها علمها، وأهمها تحصين فرج الرجل والمرأة، والقيام على المرأة، وغض بصره وبصرها بهذا الزواج، وتكثر الأمة بالتناسل، وتحفظ الأنساب، وتتحقق مباهاة النبي - صلى الله عليه وسلم- بأمته يوم القيامة، انظر ما رواه البخاري (٥٧٥٢) ، ومسلم (٢٢٠) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- وينتج ما يحصل بين الزوجين من الألفة والمودة والرحمة والسكن، ويكون قيام البيت والأسرة التي هي نواة المجتمع، ومن أعرض عن النكاح بلا مانع ولا سبب شرعي، فإنه يكون ممن فوت على نفسه هذه المصالح والفوائد التي يحصلها من تزوج.
"وقد جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم- يسألون عن عبادته فلما أخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم- وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟، فقال: أحدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر، ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء، فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقال:" أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني" رواه البخاري (٥٠٦٣) ، ومسلم (١٤٠١) ، واللفظ للبخاري من حديث أنس - رضي الله عنه-.