فإن عبد الله بن سعيد بن كُلاّب من أشهر من اشتغل بعلم الكلام في البصرة في زمانه، وله مناظرات مع المعتزلة في أيام المأمون مشهورة، بين فيها بطلان مذهبهم كما ذكر ذلك ابن النديم في "الفهرست" وغيره، مع أن ابن كُلاّب كتب بعضاً من المؤلفات في العقائد، إلا أن هذه الكتب لا زالت في عداد المفقودات، ويمكن أخذ آرائه ومعتقداته مما كتبه كُتَّاب المقالات والمهتمين بهذا الشأن.
أما في مسائل الأسماء والصفات فمجمل قوله هو: إثباتها، وخصوصاً الصفات الخبرية منها كاليد والعين والوجه وغيرها، وأما الصفات الفعلية كالنزول والمجيء وغيرها مما يتعلق بمشيئة الله وإرادته فقد نفاها ابن كُلاّب بناء على نفي حلول الحوادث، وهو أن من قامت به الحوادث لا يخو منها، ومن قامت به الحوادث فهو حادث بناء على أن الصفات الفعلية حوادث، وقد التزم ابن كُلاّب في هذه الأصل شبهة حلول الحوادث التي قال بها المعتزلة، مع أنه ممن قام في وجه المعتزلة إبطالاً ورداً.
وقول ابن كُلاّب في الأسماء والصفات فيه قصور عن الحق، وهو خلاف ما يعتقده السلف من إثبات الأسماء والصفات كلها، سواء منها الخبرية أو الفعلية كما جاء به الكتاب والسنة من غير تمثيل ولا تعطيل ولا تحريف ولا تكييف إثباتاً يليق بجلال الله وعظمته.
أما ما يعتقده ابن كُلاّب في القرآن الكريم فهو مبني على قوله في الصفات الفعلية،
حيث إن الكلام صفة فعل وهو ينفيها عن الله، ولذلك قال بأزلية الكلام، وأنه معنى