للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لم يزوج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة لصغرها وتزوج عائشة وهي صغيرة]

المجيب د. محمد بن عبد الله القناص

عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم

التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/السيرة النبوية

التاريخ ٨/٦/١٤٢٥هـ

السؤال

السلام عليكم.

أريد من فضيلتكم أن توضحوا لي لماذا لم يقم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتزويج بنته فاطمة من أبي بكر أو عمر -رضي الله عنهما-، وعلَّل ذلك بصغر سن فاطمة -رضي الله عنها- وفي المقابل تزوَّج عائشة -رضي الله عنها-، وهي لم تبلغ بعد العاشرة. وما أردت بهذا السؤال إلا رفع الحرج الذي وقع في نفسي، ولمعرفة الرد السوي على شبهات المستشرقين على نبينا الكريم - صلى الله عليه وسلم-. وجزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وبعد:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه النسائي في سننه (٦/٦٢) ، وابن حبان في صحيحه (٦٩٤٨) والحاكم في المستدرك (٢/١٦٧) ، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي (٦٩٤٨) من طرق عن الحسين بن واقد عن ابن بريدة عن أبيه قال: خطب أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما- فاطمة- رضي الله عنها-، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "إنها صغيرة" فخطبها علي-رضي الله عنه- فزوجها منه، وهذا إسناد صحيح، وبوَّب النسائي على الحديث بقوله: تزويج المرأة مثلها في السن، ويؤخذ من الحديث أن الموافقة بين الزوجين في السن أو المقاربة تراعى عند الزواج؛ لكونها أقرب إلى الائتلاف بين الزوجين، وأدعى لاستمرار الزواج وحسن العشرة، ولكن قد يترك مراعاة ذلك لمصلحة أعلى وأكبر كما في زواج النبي - صلى الله عليه وسلم- من عائشة - رضي الله عنها- فقد دلت الأحاديث أن زواجها كان عن طريق الرؤيا، ورؤيا الأنبياء حق، فهو أمر أراده الله وقدره وهو العليم الحكيم، ففي الصحيحين البخاري (٣٨٩٥) ، ومسلم (٢٤٣٨) عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "أريتك في المنام ثلاث ليال: جاءني بك الملك في سرقة من حرير- أي قطعة من حرير- فيقول: هذه امرأتك، فاكشف عن وجهك، فإذا أنت هي، فأقول: إن يك هذا من عند الله يمضه، وهذا لفظ مسلم، وقد حصل في هذا الزواج المبارك خير عظيم للأمة إلى قيام الساعة، فقد اختار الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم- الصديقة بنت الصديق التي كانت آية في الذكاء والحفظ والفصاحة والفهم، والنبوغ المبكر، فحفظت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- كثيراً من أقواله وأفعاله، وأحواله، لا سيما تفاصيل ودقائق ما يتعلق بحياته الزوجية التي لا يطَّلع عليها إلا نساؤه، وبلغت ذلك للأمة أتم البلاغ وأكمله، فرضي الله عنها وأرضاها. هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>