الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فلبس الرجال للأحمر مما اختلف فيه أهل العلم - رحمهم الله- فمنهم من كرهه، ومنهم من حرَّمه، وابن القيم - رحمه الله- ذهب إلى أن ما ورد من لبس النبي - صلى الله عليه وسلم- للأحمر أنه ليس أحمر خالصاً، وإنما هو معلَّم بالحمرة، أو هو أحمر معلَّم، لما ورد - في صحيح البخاري (٣٥٥١) ، وصحيح مسلم (٢٣٣٧) - من لبس النبي - صلى الله عليه وسلم- الحلة الحمراء، وأنها ليست حمراء خالصة، إنما هي حلة معلَّمة.
فالذين قالوا بالكراهة استدلوا بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لبس حلة حمراء، وأيضاً بحديث أبي جحيفة -رضي الله عنه- قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في قبة حمراء من أدم. صحيح البخاري (٣٧٦) ، وصحيح مسلم (٥٠٣) .
والذين قالوا بهذا جمعوا بين هذا وما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من النهي عن لبس المعصفر، فإن الأحمر أبلغ حمرة من المعصفر، فقالوا: يجمع بين هذه الأحاديث وبين النهي عن لبس المعصفر في حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- في صحيح مسلم (٢٠٧٧) ، بأن يقال بالكراهة، وابن القيم - رحمه الله - كما أسلفت قال: إنه يجمع بينهما بأن الذي ورد النهي عنه هو الحمرة الخالصة، وأما الحمرة المعلمة التي ليست خالصة فلا بأس بها.
والخلاصة: أن الحمرة المعلَّمة التي ليست خالصة لا بأس بها، وأما الحمرة الخالصة سواء كانت في اللباس أو في المراكب التي يجلس عليها فهي محل النهي؛ لما تقدم ولأن النبي- صلى الله عليه وسلم- نهى عن الجلوس على المياثر الحمر -صحيح البخاري (٥٨٤٩) ، وصحيح مسلم (٢٠٦٦) -، فقالوا: بأن هذه الأحاديث محمولة على الشيء الخالص، فإذا كان خالصاً فإنه ينهى عنه، وهذا النهي يظهر- والله أعلم- أنه للكراهة، وليس للتحريم.