[الحكمة من خلق الخنزير]
المجيب عمر بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ السيرة والتاريخ والتراجم/التاريخ: حوادث وعبر
التاريخ ٩/٥/١٤٢٤هـ
السؤال
لقد سمعت قصة عن خلق الخنزير، وشرحتها لمن حولي هنا كثيراً كدلالة على حكمة تحريم أكل لحمه، ولكني الآن نسيت ممن سمعتها، وأخاف من المسئولية أمام الله إذا كانت القصة خاطئة، وهي في سفينة سيدنا نوح - عليه السلام - حينما خاف من الأمراض بسبب وجود الحيوانات، وإخراجهم والسفينة مغلقة، فدعا الله تعالى فاستجاب الله له، وخلق الخنزير أي أن مهمته وطعامه الرئيس هي القمامة، فهل هذا صحيح؟
الجواب
الجواب عن سؤالك - يا أختي السائلة - له جانبان:
الجانب الأول: وهو الذي يتعلق بصحة القصة، فيقال:
هذه القصة التي ذكرتيها أشار إليها الإمام ابن جرير الطبري - رحمه الله - في تفسيره لسورة هود عند الآيتين (٣٨-٣٩) ، ولكن هذه القصة لا تثبت، ولا تصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل هي - والله أعلم - مما تناقله الناس عن بني إسرائيل، وفي سياق القصة من النكارة والغرابة ما يجزم الناظر معها أنها باطلة.
الجانب الثاني: وهو الذي يتعلق ببيان الحكمة من الأحكام الشرعية، فيقال:
لا يختلف العلماء أن جميع ما أمر الله تعالى به من أحكام، وجميع ما نهى الله عنه لابد فيه من الحكمة، ولكن هذه الحكمة قد ينص عليها الشرع ويذكرها، مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في الصحيحين البخاري (١٦٢) ، ومسلم (٢٧٨) : "إذا استيقظ أحدكم من النوم فلا يغمس يده في الإناء، فإنه لا يدري أين باتت يده" فهنا نص النبي - صلى الله عليه وسلم - على العلة.
وهناك أحكام قد لا يعرف الحكمة منها أحد من البشر، مثل الحكمة من كون صلاة الفجر ركعتين، والظهر والعصر والعشاء أربع، والمغرب ثلاث، ولعل السبب في خفاء ذلك على الناس حتى يستسلم الناس لأمر ربهم، ويظهر تحقيق العبودية عندهم، فإن العبد - ولله المثل الأعلى - لا يسأل سيده لماذا أمره بكذا أو نهاه عن كذا، وهكذا فإن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
إذا تبين هذا - أختي السائلة - فعليك إذا أردت أن تبيني حكمة من الحكم لأمر من الأوامر أو نهي من النواهي، فاسألي أهل الذكر، فإن لم تجدي شيئاً فقولي للناس إنه لا يلزم أن نعرف حكمة أي أمر شرعي، لكن يكفي أن نعلم أن هذا أمر الله أو أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - حتى نعمل به، ونقول كما قال الرسول والمؤمنون الأولون: "سمعنا وأطعنا" [البقرة:٢٨٥ٍ] .
وفيما يخص الخنزير، وسبب تحريمه، فلا حاجة لذكر مثل تلك القصة الباطلة، بل يكفي أن تذكري - مع الدليل الشرعي - ما أثبته الطب الحديث من خبث لحمه، ولما يسببه من المضار الصحية والنفسية، وقد كتب في هذا الموضوع كتابات وبحوث كثيرة، يمكنك مطالعتها عبر الكتب أو الإنترنت، وفقك الله للخير، وجعلك مباركة أينما كنت.