هذا سؤال وسوس لي به أحدهم، وقد احترت فيه: ما هو ضابط الزنا الذي فيه الحد، هل هو الإيلاج أم اللمس، بمعنى هل إذا زنى أحدهم مستعملا عازلا طبيا يكون زناه غير موجب للحد؟ بما أن عضوه لم يلمس المرأة حقيقة، أم أنه يستوجب الحد بما أنه أدخل عضوه؟ هب أني أناقش فقيها أصوليا، كيف أقنعه بالجواب مدعوما بالدليل النقلي الصحيح؟ وقد عثرت على فتوى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله في كتاب " لقاءات الباب المفتوح " يسأل فيها عن وجوب الغسل لمن جامع بالعازل الطبي ولم ينزل، فأجاب " أن الأحوط أن يغتسل، وأن بعض العلماء قالوا إنه لا غسل عليه، لأن الختانين لم يلتقيا ". فلست أدري إن كان هذا يجيب عن هذا!
الجواب
الحمد لله وحده وبعد:
فقد اتفق أهل العلم على أن الزنى يحصل بإيلاج الذكر في الفرج ولو لم يمس الذكر جدار الفرج، ولو كان هناك حائل بين الذكر والفرج، ما دام الحائل لا يمنع اللذة والإحساس.
وهذا بحمد الله لا إشكال فيه ومما يمكن الاستدلال به حديث عائشة مرفوعاً (إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل) رواه أحمد (٢٢٠٤٦) والترمذي (١٠٨) وصححه الألباني (إرواء الغليل ١/١٢١) ، فجعل مجرد مجاوزة الختان موجباً للغسل، وفي حديث ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لمن أقر بالزنا:"دخل ذلك منك في ذلك منها"؟ قال نعم، قال "كما يغيب المرود في المكحلة والرشاء في البئر"؟ قال: نعم صحيح البخاري (٦٨٢٤) وله روايات فسؤاله عن ذلك دليل على اعتباره مناطاً لإقامة حد الزنا وذلك هو الإيلاج في الفرج. ثم بالنظر المجرد أن العازل المعروف لا يمنع لذة ولا إحساساً فلا فرق بينه وبين الاتصال بدونه، والشرع لا يفرق بين المتماثلات.
أما الغسل فالخلاف في العازل الذي يمنع اللذة والإحساس بحرارة الفرج، فهذا عند جملة من أهل العلم لا يوجب الغسل، وهذا مراد الشيخ محمد - رحمه الله - بفتواه، وأما العازل المعروف فلا يمنع شيئاً من ذلك.
وأنصح السائل أن لا يشرب قلبه شبهة، وأن يحرص على طلب العلم والتزود منه. وفقه الله وزاده من فضله.