لماذا لا يكون طلب الدعاء من الميت شركاً أكبر كالاستغاثة به؟!
المجيب د. رشيد بن حسن الألمعي
عضو هيئة التدريس بجامعة الملك خالد
التصنيف الفهرسة/الجديد
التاريخ ٠٣/٠٥/١٤٢٥هـ
السؤال
لماذا لا يعد طلب الدعاء من الميت شركاً أكبر، بينما تعد الاستغاثة به شركاً أكبر، مع أننا في الحالتين نعتقد في هذا الميت الشفاعة؟.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فأقول ومن الله استمد العون والتوفيق:
إن طلب الدعاء من الميت، وكذا الاستغاثة به من دون الله كلاهما داخل في دائرة المحظور شرعاً، إلا أنهما يختلفان من حيث الحكم، وذلك أن طلب الدعاء من الميت المقبور بدعة ليس لها سند من دليل عقلي ولا نقلي صحيح، إذ الميت قد فارق الدنيا وأفضى إلى ما قدم، مرتهن بعمله لا يملك نجدة نفسه، ولا إنقاذها فضلاً عن إنقاذ غيره، وإجابته، كما أنه لم يرد نص يدل على جواز ذلك أو مشروعيته، فلم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يطلب من إخوانه الأنبياء الذين تقدموه أن يدعوا له أو لقومه، ولا فعل هذا من بعده الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم- فتبين أن من فعل هذا فقد أحدث في الدين ما لم يأذن به الله، وفعله مردود عليه، وهو مخطئ خطأً ظاهراً، حيث يظن أن الموتى يستجيبون لطلبه فيدعون له، بخلاف الأحياء فإنه قد ورد ما يدل على فعله، ولذلك طلب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- من العباس- رضي الله عنه- أن يدعو لهم ويستسقي، فيما رواه البخاري (١٠١٠) عن أنس -رضي الله عنه- ولم يعمد إلى قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- فيسأله أن يدعو لهم أو يستسقي، ولو كان ذلك مشروعاً لما أمر عمر العباس - رضي الله عنهما- بذلك دون النبي -صلى الله عليه وسلم-، فمن طلب من الميت أن يدعو له فقد ابتدع، وعمله مردود عليه عقلاً وشرعاً.
وأما الاستغاثة بالأموات فهي في حقيقة الأمر صرف عبادة من خالص حق الله على العباد إلى مخلوق، وهذا هو عين الشرك، إذ إن الدعاء -ومنه الاستغاثة- عبادة، لا يجوز صرفها إلا لله، فمن صرفها لغير الله فقد أشرك، وليس هذا من باب الاستشفاع المشروع. والله الموفق.