[تبادل التحايا مع غير المسلم]
المجيب فيصل بن أنور بن فؤاد مولوي
قاضي متقاعد
التصنيف الفهرسة/ السنة النبوية وعلومها/مسائل متفرقة
التاريخ ١٢/٠٧/١٤٢٦هـ
السؤال
هل يمكن لغير المسلم أن يحيي بـ "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، وهل يمكن للمسلم أن يحيي أو يرد بنفس التحية على غير المسلم؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
١- نعم، يمكن لغير المسلم أن يحيّي بعبارة (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) ، ولكنه لا ينال الأجر الذي يناله المسلم؛ باعتبار هذه التحية سنة من سنن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وغير المسلم لا يعتقد ذلك.
٢- نعم يجوز للمسلم أن يحيي غير المسلم بلفظ السلام، روي هذا القول عن ابن عباس وابن مسعود وأبي أمامة وابن محيريز وعمر بن عبد العزيز وسفيان بن عيينة والشعبي والأوزاعي والطبري، واختار هذا القول السيد رشيد رضا في تفسير المنار، والشيخ الشنقيطي في أضواء البيان.
* ونحن نؤيد هذا القول بناءً على الآيات الكريمة التي تأمر بالسلام بشكل مطلق ومنها:
- قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها" [النور: ٢٦] .
- قوله تعالى: "وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه، وقالوا: لنا أعمالنا ولكم أعمالكم، سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين" [القصص: ٢٥] .
- قوله تعالى: " ... وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً" [الفرقان: ٦٣] .
- قوله تعالى: "وقيله يا ربّ إنّ هؤلاء قوم لا يؤمنون، فاصفح عنهم وقل: سلام فسوف يعلمون" [الزخرف: ٨٨] .
- قوله تعالى: "قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً" [مريم:
٤٧] .
* وكذلك الأحاديث الصحيحة التي تأمر بالسلام بشكل مطلق أيضاً أي تجاه جميع الناس:
- " ... وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف" متّفق عليه، البخاري (١٢) ، ومسلم (٣٩) .
- لما خلق الله آدم، قال "اذهب على أولئك النفر، وهم نفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله) متفق عليه، البخاري (٣٣٢٦) ، (٦٢٢٧) ، ومسلم (٢٨٤١) .
- (أفشوا السلام..) رواه الترمذي (١٨٥٤) ، وقال حديث حسن صحيح، وابن حبان في صحيحه (٤٨٩) .
* أما الحديث الصحيح الذي اعتمد عليه جمهور العلماء حتى قالوا بكراهية التحية لغير المسلم بالسلام أو حرمتها، فهو قوله -صلى الله عليه وسلم-:"لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام.." رواه مسلم (٢١٦٧) . فهو يتعلق بحالة حرب كانت قائمة. يؤيّد ذلك روايات أخرى للحديث وهي صحيحة أيضاً: (إنا غادون على يهود، فلا تبدأوهم بالسلام) رواه أحمد [٢٦٦٩٥] ، والطبراني [المعجم الكبير ٢٢/٢٩١] بسند رجاله رجال الصحيح، وكان هذا يوم غزو بني قريظة. وفي رواية ثانية لأحمد: (إني راكب غداً إلى يهود، فلا تبدأوهم بالسلام..) [المسند ١٦٨٤٤، ١٧٥٨٤] وهو صحيح كما جاء في الفتح الرباني. ونقل العسقلاني في فتح الباري رواية البخاري في الأدب المفرد والنسائي أن النبي -صلى لله عليه وسلم- قال: "إني راكب غداً إلى اليهود فلا تبدأوهم بالسلام" [فتح الباري ١١/٣٩] .