عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
التصنيف الفهرسة/ فقه الأسرة/أحكام المولود
التاريخ ١٠/٦/١٤٢٥هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي زميلان معي في المكتب يتوسمان في شخصي الخير، ويعتقدان بأني أملك الرد على أسئلتهما، والتي جعلتني في حيرة من أمري، لما وقع فيه كل منهما والعياذ بالله: أولهما كان قديماً ممن درس في دولة غربية، وتصادق حسب قوله مع امرأة، وحملت منه وأنجبت فتاة، وعمر ابنته غير الشرعية ١٩ سنة، ويسألني هل تجب عليه نفقة هذه البنت شرعاً، حيث إن والدتها لا زالت تراسله وتطالبه بالنفقة؟ وثانيهما: كان على علاقة بالعاملات لديه (الشغالات ولم يكن لهم أزواج) دون علم زوجته، وقد حملت منه اثنتان منهما، وأنجبتا ولداً وبنتاً بعد سفرهما إلى بلادهما، ويقول: هل يجب عليه نفقة هذا الولد وهذه البنت ومتابعتهما، وإن فقد أثرهما فهل عليه إثم؟
السؤال الأخير يتعلق بشخصي أنا: فماذا يجب عليَّ وقد أخبراني عن أمرهما، هل أنصحهما فقط؟ أم يجب عليَّ شرعاً إبلاغ السلطات عنهما؟، وكيف وأنا لا أملك أدلة سوى أقوالهما عن نفسيهما؟ أرجو الإجابة حفظكم الله ووفقكم لكل خير.
الجواب
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
فإن النفقة لا تجب للولد غير الشرعي، فإذا اقترف الإنسان جريمة الزنا، ونتج عن ذلك ولد أو بنت، فإن هذا الولد أو البنت لا يجوز نسبتهما إلى الأب، ولا تجب لهما النفقة؛ لأن النفقة لا تجب إلا إذا ثبت النسب، والنسب لا يثبت بالزنا، ولذلك فإن ولد الزنا ينسب للأم فقط، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالإرث فإن الزاني لا يرث من ولده من الزنا، ولا يرث ولده من الزنا منه. ولكن بما أن الزاني هو الذي اقترف هذا الأمر، وبسبب فعله نتج هذا الولد، فإن عليه أن يساعد المرأة التي شاركته في هذا الإثم، ويتحملان معاً نتيجة معصيتهما، ولكن لا يكون هذا من باب النفقة الواجبة للأولاد، مع الاحتراز عن الأمور التي قد يتكرر بسببها هذا الفعل المحرم. أما ما يتعلق بموقفك أنت من هذه القضية، فإن الواجب عليك مناصحة هذين الشخصين الذين اقترفا هذه الفاحشة العظيمة، فإن تابا فالحمد لله، ولا يُشرع لك التبليغ عنهما؛ لأنهما قد تابا من هذا العمل كما يظهر؛ ولأن المشروع الستر عليهما، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله مع من يعترف عنده بالزنا كماعز والغامدية -رضي الله عنهما وأرضاهما-. انظر ما رواه مسلم (١٦٩٥) من حديث بريدة-رضي الله عنه-.
وإن أصرا على فعلهما فعليك الاستمرار في نصحهما وتوجيههما وإرشادهما، وتبين لهما الآيات والأحاديث الناهية عن الزنا، والمشتملة على الوعيد الشديد على هذا العمل الشنيع، كما توضح لهما أثره السيئ على الفرد والمجتمع من الناحية الدينية والأخلاقية والنفسية والاجتماعية والصحية وما إلى ذلك. والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.